للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُعْتَقُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ. وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ لِأَنَّهُ لَا مَطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُمَيَّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا

وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَقُ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مُشَاهَدٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ) وَكَيْفَ لَا يُقْبَلُ (وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ) ذَلِكَ الْعَامَ (فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ) فَيُعْتَقُ (وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ) مَعْنًى (لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ) فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى التَّضْحِيَةِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا يَطْلُبُهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يُعَلَّقْ بِهَا، وَمَا لَا مَطَالِبَ لَهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، وَإِذَا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّضْحِيَةِ بَقِيَتْ فِي الْحَاصِلِ عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ مَقْصُودًا وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ بَاطِلَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا مُطْلَقًا بَاطِلَةٌ بَلْ النَّفْيُ إذَا كَانَ مِمَّا يَعْلَمُ وَيُحِيطُ بِهِ الشَّاهِدُ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ النَّصَارَى وَالرَّجُلُ يَقُولُ وَصَلْتُ بِهِ ذَلِكَ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَبَانَتْ امْرَأَتُهُ لِإِحَاطَةِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِهِ. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ لَكِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ). فِي عَدَمِ الْقَبُولِ، بِأَنْ يُقَالَ: النَّفْيُ إذَا كَانَ كَذَا صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذَا لَا تَصِحُّ (تَيَسُّرًا) وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ اللَّازِمِ فِي تَمْيِيزِ نَفْيٍ مِنْ نَفْيٍ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السِّيَرِ فَالْقَبُولُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى السُّكُوتِ الَّذِي هُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ وَصَارَ كَشُهُودِ الْإِرْثِ إذَا قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ حَيْثُ يُعْطِي لَهُ كُلَّ التَّرِكَةِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ وَالنَّفْيُ فِي ضِمْنِهِ وَالْإِرْثُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، فَأَمَّا النَّحْرُ وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا وَنَفْيُ الْحَجِّ فِي ضِمْنِهِ لَكِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ كَمَا ذُكِرَ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ كَعَدَمِهَا فِي حَقِّهِ فَبَقِيَ النَّفْيُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا، وَأَمَّا مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ فِي الشُّرُوطِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ. فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهَا قَامَتْ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ مُعَايَنٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجًا فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>