(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَنَوَى الصَّوْمَ وَصَامَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ حَنِثَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ يَوْمًا أَوْ صَوْمًا فَصَامَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ لَا يَحْنَثُ)
هِيَ شَرْطَ الْعِتْقِ فَلَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِهَا، كَذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ الشَّرْطُ بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ كَعَدَمِ الْحَجِّ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا هُوَ وُجُودِيٌّ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ مِنْ النَّفْيِ الْمَجْعُولِ شَرْطًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَّعًى بِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْمُدَّعَى بِهِ، كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوْجَهُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَنَوَى الصَّوْمَ وَأَمْسَكَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ) وَهُوَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ إذْ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَلَى الْمُفْطِرَاتِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ وَقَدْ وُجِدَ تَمَامُ حَقِيقَتِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى إمْسَاكٍ فِي وَقْتِهِ تَكْرَارٌ لِلشَّرْطِ، وَلِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ إذَا تَمَّتْ حَقِيقَتُهُ يُسَمَّى فَاعِلًا، وَلِذَا أَنْزِلَ إبْرَاهِيمُ ﷺ ذَابِحًا حَيْثُ أَمَرَّ السِّكِّينَ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ فَقِيلَ لَهُ ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَقِيقَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالصَّلَاةِ، فَلِذَا قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَنَّهُ إذَا قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ حَنِثَ إذَا قَطَعَ، فَلَوْ قَطَعَ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوُجُودِ تَمَامُ حَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ يَوْمًا أَوْ صَوْمًا لَمْ يَحْنَثْ بِصَوْمِ سَاعَةٍ) بَلْ بِإِتْمَامِ الْيَوْمِ، أَمَّا فِي " يَوْمًا " فَظَاهِرٌ، وَكَذَا فِي " صَوْمًا " لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا فَلِذَا قُلْنَا: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ كَامِلٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ صَلَاةٌ تَجِبُ رَكْعَتَانِ عِنْدَنَا لَا يُقَالُ: الْمَصْدَرُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْفِعْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ لَا يَصُومُ وَلَا يَصُومُ صَوْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِيَوْمٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي غَيْرِ تَحْقِيقِ الْفِعْلِ، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطْلَقِ فَيُوجِبُ الْكَمَالَ. وَقَدْ أُورِدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَالَ: لَأَصُومَنَّ هَذَا الْيَوْمَ وَكَانَ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تُصَلِّ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّتْ رَكْعَةً صَحَّتْ الْيَمِينُ وَطَلُقَتْ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِذِكْرِ الْيَوْمِ وَلَا كَمَالَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ، وَالصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلُ مُتَصَوَّرٌ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي، وَكَذَا الصَّلَاةُ مِنْ الْحَائِضِ لِأَنَّ دُرُورَ الدَّمِ لَا يَمْنَعُ كَمَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ مَعَ دُرُورٍ هُوَ حَيْضٌ فَفَاتَ شَرْطُ أَدَائِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْفِعْلِ وَهُوَ الْمَاءُ غَيْرُ قَائِمٍ أَصْلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ بِوَجْهٍ، وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ إنَّمَا تَصْلُحَانِ مُبْتَدَأَتَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَنَا كَانَ فِي الْمُطْلَقِ وَهُوَ لَفْظُ " يَوْمًا "، وَلَفْظُ " هَذَا الْيَوْمِ " لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ مُعَرَّفٌ وَالْمُطْلَقَاتُ هِيَ النَّكِرَاتُ وَهِيَ أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ وَإِلَّا فَزَيْدٌ وَعَمْرٌو مُطْلَقٌ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ. وَالْمَسْأَلَتَانِ مُشْكِلَتَانِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْعًا مُنْتَفٍ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يُفِيدُ، فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّيْنِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا تَنْعَقِدَانِ ثُمَّ يَحْنَثُ. وَاعْلَمْ أَنَّ التُّمُرْتَاشِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَهُوَ عَلَى الْجَائِزِ لِأَنَّهُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ فِي الْمَاضِي، وَظَاهِرُهُ يُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute