للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الصَّوْمُ التَّامُّ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ بِإِنْهَائِهِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ، وَالْيَوْمُ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ بِهِ

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ سَجَدَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ بِالِافْتِتَاحِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَمَا لَمْ يَأْتِ بِجَمِيعِهَا لَا يُسَمَّى صَلَاةً، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَيَتَكَرَّرُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي

حَنَّثَهُ بَعْدَ مَا قَالَ ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ لَكِنَّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ أَصَحُّ لِأَنَّهَا نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ ثُمَّ قَطَعَ لَمْ يَحْنَثْ وَالْقِيَاسُ) يَعْنِي عَلَى الصَّوْمِ (أَنْ يَحْنَثَ بِالِافْتِتَاحِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً) يَعْنِي لَمْ يُوجَدْ تَمَامُ حَقِيقَتِهَا وَالْحَقِيقَةُ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْجُزْءِ (بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَيَتَكَرَّرُ بِالْجُزْءِ الثَّانِي) وَلِذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ صَوْمِ سَاعَةٍ مُكَرَّرٌ مِنْ جِنْسِ مَا مَضَى فَصَارَ صَوْمُ سَاعَةٍ كَالصَّلَاةِ رَكْعَةً، يَعْنِي لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهَا تَمَامُ الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَإِنْ سَجَدَ مَعَ ذَلِكَ) يَعْنِي الرُّكُوعَ وَمَا قَبْلَهُ (ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ) وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ: حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَقَعُ عَلَى الْجَائِزِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَ الْيَمِينُ فِي الْمَاضِي: أَيْ حَلَفَ مَا صَلَّيْت وَكَانَ قَدْ صَلَّى فَاسِدَةً لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَاضِيَةَ يُرَادُ الْخَبَرُ عَنْهَا لَا التَّقَرُّبُ بِهَا وَيَصِحُّ الْخَبَرُ عَنْ الْفَاسِدَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْفَاسِدَةِ أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَيَكُونَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ بَيَانًا لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ فَصَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً بِأَنْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَثَلًا لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الِاسْمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ مَا بِهِ حُصُولُ الثَّوَابِ وَسُقُوطُ الْفَرْضِ. قَالَ: وَلَوْ نَوَى الْفَاسِدَةَ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِأَنَّ الْفَاسِدَ صَلَاةٌ صُورَةً، وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى صُورَتِهِ مَجَازًا جَائِزٌ فَقَدْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَعَ هَذَا يَحْنَثُ بِالصَّحِيحَةِ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ أَنَّ فِي الصَّحِيحِ مَا فِي الْفَاسِدَةِ وَزِيَادَةً عَلَى شَرْطِ الْحِنْثِ فَلَا يَمْنَعُ الْحِنْثَ، وَلَوْ كَانَ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ: إنْ كُنْت صَلَّيْت فَهِيَ عَلَى الْجَائِزَةِ وَالْفَاسِدَةِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ لَا أُصَلِّي وَلَا أُصَلِّي صَلَاةً حَيْثُ يَحْنَثُ بِرَكْعَةٍ فَقَالَ: وَفِي صُورَةٍ: حَذْفُ الْمَفْعُولِ الْمَنْفِيِّ فِعْلُ الصَّلَاةِ لَا كَوْنُ الْمَفْعُولِ صَلَاةً، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالرَّكْعَةِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا قَطَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ انْتَقَضَ فِعْلُ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ بَعْدَ صِحَّتِهِ، وَالِانْتِقَاضُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حُكْمٍ يَقْبَلُ الِانْتِقَاضَ، وَالْحِنْثُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَاضَ فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْفَاسِدَةِ هِيَ الَّتِي لَمْ يُوصَفْ مِنْهَا شَيْءٌ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ فِي وَقْتٍ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشُّرُوعِ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَوْرَدْنَاهُ فِي الصَّوْمِ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ هُنَاكَ أَيْضًا. وَأُورِدَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقَعْدَةُ وَلَيْسَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>