وَالْمُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ الْقُرْصِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الْأَعْيُنُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ مَكْرُوهٌ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ) لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ.
يُؤَخِّرَهَا لِيَتَوَسَّعَ فِي النَّوَافِلِ لَا إلَى التَّغَيُّرِ بَلْ يُصَلِّيهَا وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ كَمَا وَرَدَ عَنْهُ ﷺ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ ﷺ فِي حَدِيثِ «وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ مَعَ فَيْءِ الزَّوَالِ وَمِنْهُ إلَى التَّغَيُّرِ لَيْسَ كَثِيرًا جِدًّا، فَلَا بُعْدَ فِي كَوْنِ الْأَدَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى التَّعْجِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ تَعْجِيلًا شَدِيدًا.
وَرَوَى الْحَسَنُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَذَانِ الظُّهْرِ وَالصَّلَاةِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ كُلَّ رَكْعَةٍ بِعَشْرِ آيَاتٍ أَوْ أَرْبَعًا كُلًّا بِخَمْسِ آيَاتٍ.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ «عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: دَخَلْت مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِالْعَصْرِ وَشَيْخٌ جَالِسٌ فَلَامَهُ، وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ»، فَسَأَلْت عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَضَعَّفَ بِعَبْدِ الْوَاحِدِ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ: يَعْنِي عَبْدَ الْوَاحِدِ، وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ غَيْرُهُ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ رَافِعٍ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ يُنْحَرُ الْجَزُورُ فَيُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ ثُمَّ يُطْبَخُ فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ» وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَيْنِ، فَإِنَّهُ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ أَمْكَنَ فِي الْبَاقِي إلَى الْغُرُوبِ مِثْلُ هَذَا الْعَمَلِ، وَمَنْ يُشَاهِدْ الْمَهَرَةَ مِنْ الطَّبَّاخِينَ فِي الْأَسْفَارِ مَعَ الرُّؤَسَاءِ لَمْ يَسْتَبْعِدْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ) هُوَ بِأَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَّا بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ سَكْتَةٍ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي سَيَأْتِي: وَتَأْخِيرُهَا لِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مَكْرُوهٌ، وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ وَسَتُذْكَرُ فِي بَابِ النَّوَافِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا، وَمَا رَوَى الْأَصْحَابُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى بَدَا نَجْمٌ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَرَاهَةٌ هُوَ مَا قَبْلَ ظُهُورِ النَّجْمِ، وَفِي الْمُنْيَةِ لَا يُكْرَهُ فِي السَّفَرِ وَلِلْمَائِدَةِ أَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute