(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا حَتَّى أُبِيحَ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَالتَّخَتُّمُ بِهِ لِقَصْدِ الْخَتْمِ (وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ حَنِثَ) لِأَنَّهُ حُلِيٌّ وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ. (وَلَوْ لَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرِ مُرَصَّعٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ. وَلَهُ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ. وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ،
لَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَوْبٍ كُلِّهِ أَوْ لُحْمَتِهِ مِنْهُ لَا مَا سُدَاهُ أَوْ عَلِمَهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ. لَا يَلْبَسُ هَذَا الْقُطْنَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ انْصَرَفَ إلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ، فَلَوْ حَشَا بِهِ ثَوْبًا وَهُوَ الْمُضَرَّبُ لَا يَحْنَثُ
وَكَذَا لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ هُوَ عَلَى الثَّوْبِ، وَإِنْ نَوَى عَيْنَ الْغَزْلِ لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ يَلْبَسُ الثَّوْبَ لَا الْغَزْلَ وَلَا يَلْبَسُ عَيْنَ الْغَزْلِ. لَا يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يَبِيعُ الثِّيَابَ فَاشْتَرَى مِنْهُ وَلَبِسَ يَحْنَثُ. لَا يَلْبَسُ كَتَّانًا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ كَتَّانٌ وَغَيْرُهُ حَنِثَ. لَا يَكْسُو فُلَانًا فَكَسَاهُ قَلَنْسُوَةً أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ جَوْرَبَيْنِ أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ حَنِثَ إلَّا إنْ نَوَى كِسْوَتَهُ بِيَدِهِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لَا يَحْنَثُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَحْنَثُ (لَنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا) بِدَلِيلِ أَنَّهُ أُبِيحَ لِلرِّجَالِ مَعَ مَنْعِهِمْ مِنْ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ لِقَصْدِ التَّخَتُّمِ لَا لِلزِّينَةِ فَلَمْ يَكُنْ حُلِيًّا كَامِلًا فِي حَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَتْ الزِّينَةُ لَازِمَ وُجُودِهِ لَكِنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ بِهِ فَكَانَ عَدَمًا خُصُوصًا فِي الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ مَبْنَى الْأَيْمَانِ. قَالَ الْمَشَايِخُ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَصُوغًا عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فَصٌّ، فَإِنْ كَانَ حَنِثَ لِأَنَّهُ لُبْسُ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الزِّينَةُ لَا التَّخَتُّمُ فَكَمُلَ مَعْنَى التَّحَلِّي بِهِ وَصَارَ كَلُبْسِهِ سِوَارًا أَوْ خَلْخَالًا أَوْ قِلَادَةً أَوْ قُرْطًا أَوْ دُمْلُوجًا حَيْثُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَوْ مِنْ الْفِضَّةِ. وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ يَنْفِي كَوْنَهُ حُلِيًّا، وَإِنْ كَانَ زِينَةً (وَلَوْ كَانَ) الْخَاتَمُ (مِنْ ذَهَبٍ حَنِثَ) مُطْلَقًا بِفَصٍّ وَبِلَا فَصٍّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يَحْنَثُ) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ عِقْدُ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ أَوْ يَاقُوتٍ، وَبِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ يَتَزَيَّنُ بِهِ وَسُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ هُوَ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ) فِي الْعَادَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ) لَا عَلَى اسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمُرَصَّعِ فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ. قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ وَالرِّجَالُ اللُّؤْلُؤَ (وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute