قَائِمَةٌ فِي حَقِّ الْجَدِّ. قَالَ (وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ
(وَإِذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ حُدَّ، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ) لِأَنَّ بَيْنَ هَؤُلَاءِ انْبِسَاطًا فِي الِانْتِفَاعِ فَظَنَّهُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَكَانَ شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ إلَّا أَنَّهُ زِنًا
تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْهَا وَإِنَّهَا … لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ مُوَكَّلُ
كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَك بِاَلَّذِي … طَرَقْت بِهِ دُونِي فَعَيْنِي تُهْمِلُ فَلَمَّا
بَلَغْت السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي … إلَيْك مَرَامًا فِيك كُنْت أُؤَمِّلُ
جَعَلْت جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً … كَأَنَّك أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ
فَلَيْتُك إذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي … فَعَلْت كَمَا الْجَارُ الْمُجَاوِرُ يَفْعَلُ
فَأَوْلَيْتَنِي حَقَّ الْجِوَارِ وَلَمْ تَكُنْ … عَلَيَّ بِمَالٍ دُونَ مَالِكِ تَبْخَلُ
قَالَ: فَبَكَى ﷺ ثُمَّ أَخَذَ بِتَلْبِيبِ ابْنِهِ وَقَالَ: اذْهَبْ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك». وَرُوِيَ حَدِيثُ جَابِرٍ الْأَوَّلُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا (وَيَثْبُتُ النَّسَبُ) يَقْتَضِي بِإِطْلَاقِهِ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ وَلَدِ الْجَارِيَةِ مِنْ وَطْءِ وَالِدِ سَيِّدِهَا وَجَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ الَّذِي هُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ حَيًّا فَإِنَّهُ قَالَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ: لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَثْبُتُ النَّسَبُ: أَيْ مِنْ وَاطِئِ جَارِيَةِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَهُوَ فَرْعُ تَمَلُّكِهَا وَالْجَدُّ لَا يَتَمَلَّكُهَا حَالَ حَيَاةِ الْأَبِ. وَمَا وَقَعَ فِي نُسَخِ النِّهَايَةِ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ: إذَا زَنَى بِجَارِيَةِ نَافِلَتِهِ وَالْأَبُ فِي الْأَحْيَاءِ، وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يُحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ يَجِبُ الْحُكْمُ بِغَلَطِهِ، وَأَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ لَفْظَةُ لَا لِأَنَّ جَمِيعَ الشَّارِحِينَ لِهَذَا الْمَكَانِ مُصَرِّحُونَ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ، وَنَفْسُ أَبِي اللَّيْثِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالْأَبِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَنَّ مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِ وَلَدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لَمْ تَثْبُتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ إذَا كَذَّبَهُ. وَكَذَا الْوَلَدُ لِأَنَّ صِحَّةَ الِاسْتِيلَادِ تَبْتَنِي عَلَى وِلَايَةِ نَقْلِ الْجَارِيَةِ إلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْجَدِّ وِلَايَةُ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْأَبِ، وَلَكِنْ إنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَدُ الْوَلَدِ عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْجَدِّ وَأَنَّهُ عَمُّهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَدِّ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْهَا، وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَهِيَ الْبُنُوَّةُ فَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ فِي حَيَاةِ الْأَب وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَدِّ عِنْدَ ذَلِكَ وِلَايَةُ نَقْلِهَا إلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الدَّعْوَةِ، صَدَّقَهُ ابْنُ الِابْنِ أَوْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، وَالْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ كَالْأَبِ فِي الْوِلَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا إلَى نَفْسِهِ بِدَعْوَةِ الِاسْتِيلَادِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ) وَزُفَرُ يَحُدُّهُ لِقِيَامِ الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَأْوِيلِهِ الْفَاسِدِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ عَلَى ظَنِّ الْحِلِّ (وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ) فَقَالَ: ظَنَنْت حِلَّهَا لِي لَا يُحَدُّ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت حُرْمَتَهَا حُدَّ (لِأَنَّ بَيْنَ هَؤُلَاءِ) أَيْ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ وَالْعَبْدِ وَأَمَةِ سَيِّدِهِ (انْبِسَاطًا فِي الِانْتِفَاعِ فَظُنَّ مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ) بِخِلَافِ مَا بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي (فَكَانَ شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ إلَّا أَنَّهُ زِنًا