للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي قَوْلٍ يُقْتَلَانِ بِكُلِّ حَالٍ لِقَوْلِهِ «اُقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ» وَيُرْوَى «فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ» وَلَهُمَا أَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّنَا لِأَنَّهُ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فِي مَحَلٍّ مُشْتَهًى عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ عَلَى وَجْهٍ تَمَحَّضَ حَرَامًا لِقَصْدِ سَفْحِ الْمَاءِ. وَلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مُوجِبِهِ مِنْ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ وَهَدْمِ الْجِدَارِ وَالتَّنْكِيسِ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ بِاتِّبَاعِ الْأَحْجَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الزِّنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضَاعَةُ الْوَلَدِ وَاشْتِبَاهُ الْأَنْسَابِ، وَكَذَا هُوَ أَنْدَرُ وُقُوعًا لِانْعِدَامِ الدَّاعِي مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالدَّاعِي إلَى الزِّنَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ إلَّا أَنَّهُ يُعَزَّرُ عِنْدَهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ

لِلشَّافِعِيِّ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَمَنْكُوحَتِهِ قَوْلَانِ، وَهَلْ تَكُونُ اللِّوَاطَةُ فِي الْجَنَّةِ: أَيْ هَلْ يَجُوزُ كَوْنُهَا فِيهَا، قِيلَ إنْ كَانَ حُرْمَتُهَا عَقْلًا وَسَمْعًا لَا تَكُونُ، وَإِنْ كَانَ سَمْعًا فَقَطْ جَازَ أَنْ تَكُونَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِيهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى اسْتَبْعَدَهُ وَاسْتَقْبَحَهُ فَقَالَ ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ وَسَمَّاهُ خَبِيثَةً فَقَالَ ﴿كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾ وَالْجَنَّةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْهُمَا (وَقَالَ) الشَّافِعِيُّ (فِي قَوْلٍ: يُقْتَلَانِ) فَفِي وَجْهٍ بِالسَّيْفِ (بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ بِكْرَيْنِ كَانَا أَوْ ثَيِّبَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ يُرْجَمَانِ بِكُلِّ حَالٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ مِنْ مَذْهَبِهِ يُحَدُّ جَلْدًا وَتَغْرِيبًا إنْ كَانَ بِكْرًا وَرَجْمًا إنْ أَحْصَنَ.

وَجْهُ الْقَتْلِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ، الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ «مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْقَتْلَ. وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ قَالَ «اُقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَلَا يُعْلَمُ أَحَدٌ رَوَاهُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>