وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِيهِ أَنَّ فِعْلَ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ زِنًا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْحُرُمَاتِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِالشَّرَائِعِ عَلَى أَصْلِنَا وَالتَّمْكِينُ مِنْ فِعْلٍ هُوَ زِنًا مُوجِبٌ لِلْحَدِّ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُمَا لَا يُخَاطَبَانِ، وَنَظِيرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا زَنَى الْمُكْرَهُ بِالْمُطَاوِعَةِ تُحَدُّ الْمُطَاوِعَةُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ لَا تُحَدُّ.
الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْمُصْحَفِ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِمَا، بِخِلَافِ حَدِّ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ مُعْتَقِدٌ إبَاحَتَهُ. وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَدْخُلْ لِلْقَرَارِ بَلْ لِحَاجَةٍ يَقْضِيهَا وَيَرْجِعُ وَعَلَيْنَا أَنْ نُمَكِّنَهُ مِنْ الرُّجُوعِ بِشَرْطِهِ لَمْ يَكُنْ بِالِاسْتِئْمَانِ مُلْتَزِمًا جَمِيعَ أَحْكَامِنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، بَلْ مَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَى تَحْصِيلِ مَقْصِدِهِ وَهُوَ حُقُوقُ الْعِبَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ مُلْتَزِمًا الْإِنْصَافَ وَكَفَّ الْأَذَى، إذْ قَدْ الْتَزَمْنَا لَهُ بِأَمَانِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَالْقِصَاصُ وَحَدُّ الْقَذْفِ مِنْ حُقُوقِهِمْ فَلَزِمَاهُ، أَمَّا حَدُّ الزِّنَا فَخَالِصُ حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَكَذَا الْمُغَلَّبُ فِي السَّرِقَةِ حَقُّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَصَاحِبُهُ تَعَالَى مَنَعَنَا مِنْ اسْتِيفَائِهِ عِنْدَ إعْطَاءِ أَمَانِهِ، بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْمُصْحَفِ وَالْإِجْبَارِ عَلَى بَيْعِهِمَا فَإِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّ فِي اسْتِخْدَامِهِ قَهْرًا وَإِذْلَالًا لِلْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ فِي اسْتِخْفَافِهِ بِالْمُصْحَفِ وَالزِّنَا مُسْتَثْنًى مِنْ كُلِّ عُهُودِهِمْ.
وَلِمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ إذَا زَنَى بِمُسْتَأْمَنَةٍ حَيْثُ يَجِبُ الْحَدُّ عِنْدَهُ عَلَى الْفَاعِلِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ إذَا زَنَتْ بِمُسْتَأْمَنٍ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عِنْدَهُ عَلَيْهِمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الزِّنَا فِعْلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَبَعٌ لِكَوْنِهَا مَحَلًّا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، فَامْتِنَاعُ الْحَدِّ فِي حَقِّ الْأَصْلِ يُوجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute