لِشُبْهَةِ الِاتِّحَادِ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الصُّورَةِ وَالْمَرْأَةِ
(وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ) مَعْنَاهُ: أَنْ يَشْهَدَ كُلُّ اثْنَيْنِ عَلَى الزِّنَى فِي زَاوِيَةٍ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ حَقِيقَةً. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ وَالِانْتِهَاءُ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى بِالِاضْطِرَابِ، أَوْ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ فَيَحْسِبُهُ مَنْ فِي الْمُقَدَّمِ فِي الْمُقَدَّمِ وَمَنْ فِي الْمُؤَخَّرِ فِي الْمُؤَخَّرِ فَيَشْهَدُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُ
لِلْقَذْفِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ، فَعِنْدَهُ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَمَّا لَمْ يَتَكَامَلْ بِكُلِّ زِنًا صَارُوا قَذَفَةً، كَمَا لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً شَهِدُوا بِهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ. قُلْنَا: كَلَامُهُمْ وَقَعَ شَهَادَةً لِوُجُودِ شَرَائِطِهَا مِنْ الْأَهْلِيَّةِ وَلَفْظَةِ الشَّهَادَةِ وَتَمَّ الْعَدَدُ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّ شُبْهَةَ الِاتِّحَادِ فِي نِسْبَةِ الزِّنَا لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَصِيغَةُ الشَّهَادَةِ ثَابِتَةٌ وَبِذَلِكَ حَصَلَ شُبْهَةُ اتِّحَادِ الزِّنَا الْمَشْهُودِ بِهِ فَيَنْدَرِئُ الْحَدُّ عَنْهُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الزِّنَا شُبْهَةً أَوْجَبَتْ الدَّرْءَ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَفِي الْقَذْفِ شُبْهَةٌ أَوْجَبَتْ الدَّرْءَ عَنْ الشُّهُودِ. قَالَ قَاضِي خَانَ: وَكَلَامُنَا أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ﴾ وَقَدْ وُجِدَ الْإِتْيَانُ بِأَرْبَعَةٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي بَيْتِ وَاحِدٍ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ. وَمَعْنَاهُ أَنْ يَشْهَدَ كُلُّ اثْنَيْنِ عَلَى الزِّنَا فِي زَاوِيَةٍ وَهَذَا) أَعْنِي حَدَّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ هَذَا الِاخْتِلَافِ (اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُحَدُّوا) لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ حَقِيقَةً، وَبِهِ يَخْتَلِفُ الْفِعْلُ الْمَشْهُودُ بِهِ فَتَصِيرُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ الْبَلَدَيْنِ وَالدَّارَيْنِ، وَالْقِيَاسُ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ حَيْثُ نَسَبُوهُ إلَى بَيْتِ وَاحِدٍ صَغِيرٍ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَعْيِينُهُمْ زَوَايَاهُ وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهَا لَا يُوجِبُ تُعَدَّدَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْبَيْتَ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute