للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ لِقَوْلِهِ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُحْرَزٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ فَيُقْطَعُ فِيهِ. وَلَهُمَا قَوْلُهُ

فَقَالَ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ» وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ خُصُوصًا وَقَدْ تَلَقَّتْ الْأُمَّةُ الْحَدِيثَ الْآخَرَ بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهَا لَمْ تَسْرِقْ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ يُحَدِّثُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: «اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ مِنِّي حُلِيًّا عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ يَعْرِفُونَ وَلَا تَعْرِفُ هِيَ فَبَاعَتْهُ، فَأُخِذَتْ فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا»، وَهِيَ الَّتِي شَفَعَ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَقَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ كَانَ حَدِيثُ جَابِرٍ مُقَدَّمًا.

وَيُحْمَلُ الْقَطْعُ بِجَحْدِ الْعَارِيَّةِ عَلَى النَّسْخِ، وَكَذَا لَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ «وَأَنَّهُ قَطَعَ امْرَأَةً بِجَحْدِ الْمَتَاعِ، وَأُخْرَى بِالسَّرِقَةِ» يُحْمَلُ عَلَى نَسْخِ الْقَطْعِ بِالْعَارِيَّةِ بِمَا قُلْنَا. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهَا قَالَ «لَمَّا سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ أَعْظَمْنَا ذَلِكَ، وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَجِئْنَا النَّبِيَّ نُكَلِّمُهُ فِيهَا وَقُلْنَا: وَنَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَقَالَ : تَطْهُرُ خَيْرًا لَهَا، فَأَتَيْنَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقُلْنَا لَهُ: كَلِّمْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ: مَا إكْثَارُكُمْ عَلَيَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدَهَا» قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْأَسْوَدِ.

وَقِيلَ هِيَ أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ.

(قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ) وَهُوَ الَّذِي يَسْرِقُ أَكْفَانَ الْمَوْتَى بَعْدَ الدَّفْنِ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (عَلَيْهِ الْقَطْعُ) وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ أَبُو ثَوْرٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ. ثُمَّ الْكَفَنُ الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ مَا كَانَ مَشْرُوعًا فَلَا يُقْطَعُ فِي الزَّائِدِ عَلَى كَفَنِ السُّنَّةِ وَكَذَا مَا تُرِكَ مَعَهُ مِنْ طِيبٍ أَوْ مَالٍ ذَهَبٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ وَسَفَهٌ فَلَيْسَ مُحَرَّزًا. وَفِي الْوَجِيزِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ وَجْهَانِ، ثُمَّ الْكَفَنُ لِلْوَارِثِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الْخَصْمُ فِي الْقَطْعِ، وَإِنْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ فَهُوَ الْخَصْمُ لِأَنَّهُ لَهُ (لَهُمْ قَوْلُهُ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ») وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَرَّحَ بِضَعْفِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>