(وَإِنْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ قُطِعَ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَحِشْمَةٍ، بِخِلَافِ الْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ لِانْعِدَامِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا عَادَةً. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا قَرَابَةَ وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِدُونِهَا لَا تُحْتَرَمُ كَمَا إذَا ثَبَتَتْ بِالزِّنَا وَالتَّقْبِيلِ عَنْ شَهْوَةٍ، وَأَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْأُخْتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الرَّضَاعَ قَلَّمَا يَشْتَهِرُ فَلَا بُسُوطَةَ تَحَرُّزًا عَنْ مَوْقِفِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ النَّسَبِ.
(وَإِذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً، وَإِنْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ حِرْزٍ الْآخَرِ خَاصَّةً لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀ لِبُسُوطَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ
غَيْرِهِ سَرِقَةٌ مِنْ حِرْزٍ فَيُقْطَعُ، وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِي الْقَطْعِ الْقَطِيعَةَ فَيَنْدَرِئُ وَهُوَ الْمَوْعُودُ، وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يُعَرِّجْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ قُطِعَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَحِشْمَةٍ بِخِلَافِ الْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ لِانْعِدَامِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا عَادَةً) وَلِذَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَكَذَا الْأَبُ مِنْ الرَّضَاعَةِ. (وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِدُونِ الْقَرَابَةِ لَا تُحْتَرَمُ كَمَا إذَا ثَبَتَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ بِالزِّنَا) بِأَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَيُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُمَا (وَأَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْأُخْتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ) فَإِنَّ فِيهَا مَحْرَمِيَّةً بِلَا قَرَابَةٍ مَعَ اتِّحَادِ سَبَبِ الْمَحْرَمِيَّةِ فِيهِمَا، فَالْإِلْحَاقُ بِهَا فِي إثْبَاتِ الْقَطْعِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِلْحَاقِ بِالْمَحْرَمِيَّةِ الثَّابِتَةِ بِالْوَطْءِ، ثُمَّ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِإِبْطَالِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِأَبِي يُوسُفَ صَرِيحًا وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إلَخْ بِقَوْلِهِ (وَهَذَا لِأَنَّ الرَّضَاعَ قَلَّمَا يَشْتَهِرُ فَلَا بُسُوطُةَ تَحَرُّزًا عَنْ مَوْقِفِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ النَّسَبِ) فَإِنَّهُ يَشْتَهِرُ بِلَا تَحَشُّمٍ وَلَا تُهْمَةٍ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ مَنْعَ قَوْلِهِ إنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ إلَخْ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إلَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا تُهْمَةً لَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا لِعَدَمِ الشُّهْرَةِ فَيُتَّهَمُ فَلَا يَدْخُلُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ، بِخِلَافِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَشْتَهِرُ فَلَا يُنْكَرُ دُخُولُهُ، فَلِذَا قُطِعَ فِي سَرِقَةِ مَالِ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ يُقْطَعْ فِي سَرِقَةِ مَالِ أُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ أَوْ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ لَمْ يُقْطَعْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ عَادَةً) فَاخْتَلَّ الْحِرْزُ (وَإِنْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ حِرْزِ الْآخَرِ خَاصَّةً لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ كَقَوْلِنَا، وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ يُقْطَعُ الرَّجُلُ خَاصَّةً لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ حَقًّا فِي مَالِهِ: أَيْ النَّفَقَةَ. وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ بَيْنَهُمَا بُسُوطَةً فِي الْأَمْوَالِ عَادَةً وَدَلَالَةً فَإِنَّهَا لَمَّا بَذَلَتْ نَفْسَهَا وَهِيَ أَنْفَسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute