للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَادَةً وَدَلَالَةً وَهُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ.

(وَلَوْ سَرَقَ الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ لَهُ فِي أَكْسَابِهِ حَقًّا (وَكَذَلِكَ السَّارِقُ مِنْ الْمَغْنَمِ) لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - دَرْءًا وَتَعْلِيلًا.

مِنْ الْمَالِ كَانَتْ بِالْمَالِ أَسْمَحُ، وَلِأَنَّ بَيْنَهُمَا سَبَبًا يُوجِبُ التَّوَارُثَ مِنْ غَيْرِ حَجْبِ حِرْمَانٍ كَالْوَالِدَيْنِ. وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ سَرَقَ مِرْآةً لِامْرَأَةِ سَيِّدِهِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ، فَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ خَادِمُ الزَّوْجِ فَالزَّوْجُ أَوْلَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ (هُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) يَعْنِي عِنْدَنَا لَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا بِمَالِ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ لِاتِّصَالِ الْمَنَافِعِ، وَعِنْدَهُ يُقْطَعُ كَمَا تُقْبَلُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. فَإِنْ قُلْت: أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رُبَّمَا لَا يَبْسُطُ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ بَلْ يَحْبِسُهُ عَنْهُ وَيُحَرِّزُهُ.

قُلْنَا: وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالِابْنُ قَدْ يَتَّفِقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَلَا قَطْعَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْأَصْهَارِ وَالْأَخْتَانِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ، وَقَالَا: يُقْطَعُ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجَةِ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ زَوْجِ ابْنَتِهِ أَوْ بِنْتِ زَوْجِ أُمِّهِ إنْ كَانَ يَجْمَعُهُمَا مَنْزِلٌ وَاحِدٌ لَمْ يُقْطَعْ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي مَنْزِلٍ عَلَى حِدَةٍ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ. وَلَوْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَبَانَتْ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّزَوُّجُ بَعْدَ أَنْ قُضِيَ بِالْقَطْعِ أَوْ لَمْ يُقْضَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ يُقْطَعُ. وَلَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ أَوْ الْمُخْتَلِعَةِ فِي الْعِدَّةِ لَا قَطْعَ، وَكَذَا إذَا سَرَقَتْ هِيَ مِنْ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ يَجِبُ الْقَطْعُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ لَا يُقْطَعُ) بِلَا خِلَافٍ (لِأَنَّ لِلْمَوْلَى حَقًّا فِي أَكْسَابِهِ) وَلِأَنَّ مَالَهُ مَوْقُوفٌ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ كَانَ لِلْمَوْلَى أَوْ عَتَقَ كَانَ لَهُ، فَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَةِ مَالٍ مَوْقُوفٍ دَائِرٍ بَيْنَ السَّارِقِ وَغَيْرِهِ، كَمَا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ، وَكَمَا لَا قَطْعَ عَلَى السَّيِّدِ كَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا سَرَقَ مَالَ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ لَهُ أَوْ مِنْ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ مَنْ عَدَا سَيِّدَهُ كَزَوْجَةِ سَيِّدِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَتَقَدَّمَ أَثَرُ عُمَرَ وَهُوَ فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ، وَكَانَ ثَمَنُ الْمِرْآةِ سِتِّينَ دِرْهَمًا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ خِلَافَهُ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ فَتُخَصُّ بِهِ الْآيَةُ، وَالْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ مِنْ الْمَغْنَمِ) لَا يُقْطَعُ (لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ دَرْءًا وَتَعْلِيلًا) رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْأَبْرَصِ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِرَجُلٍ سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ فَقَالَ: لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ وَهُوَ خَائِنٌ فَلَمْ يَقْطَعْهُ، وَكَانَ قَدْ سَرَقَ مِغْفَرًا. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. قِيلَ وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>