للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُحَمَّدٍ قَوْلُهُ «أَمَانُ الْعَبْدِ أَمَانٌ» رَوَاهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَلِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُمْتَنِعٌ فَيَصِحُّ أَمَانُهُ اعْتِبَارًا بِالْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْقِتَالِ وَبِالْمُؤَيَّدِ مِنْ الْأَمَانِ، فَالْإِيمَانُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا لِلْعِبَادَةِ، وَالْجِهَادُ عِبَادَةٌ، وَالِامْتِنَاعُ لِتَحَقُّقِ إزَالَةِ الْخَوْفِ بِهِ، وَالتَّأْثِيرُ إعْزَازُ الدِّينِ وَإِقَامَةُ الْمَصْلَحَةِ فِي حَقِّ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسَايَفَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْطِيلِ مَنَافِعِ الْمُوَلَّى وَلَا تَعْطِيلَ فِي مُجَرَّدِ الْقَوْلِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِتَالِ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَخَافُونَهُ فَلَمْ يُلَاقِ الْأَمَانُ مَحَلَّهُ،

أَدْنَاهُمْ» (وَ) لِمَا (رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ قَوْلِهِ «أَمَانُ الْعَبْدِ أَمَانٌ» وَلِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُمْتَنِعٌ) أَيْ لَهُ قُوَّةٌ يَمْتَنِعُ بِهَا وَيَضُرُّ غَيْرَهُ (فَيَصِحُّ أَمَانُهُ اعْتِبَارًا بِالْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْقِتَالِ وَالْمُؤَبَّدِ مِنْ الْأَمَانِ) وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ لِأَهْلِ مَدِينَةٍ صَحَّ وَلَزِمَ وَصَارُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ، فَهَذَا وَهُوَ الْمُوَقَّتُ مِنْ الذِّمَّةِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَهَذَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَمَامُ الْمُؤْثَرِ فِي صِحَّةِ الْأَمَانِ.

أَمَّا الْإِيمَانُ فَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْعِبَادَاتِ وَالْجِهَادُ مِنْ أَعْظَمِهَا.

وَأَمَّا اعْتِبَارُ الِامْتِنَاعِ فَلِتَحَقُّقِ إزَالَةِ الْخَوْفِ وَبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الْمُؤْثَرُ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَهُوَ (إعْزَازُ الدِّينِ وَإِقَامَةُ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ) لَا فِيمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ (وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسَايَفَةَ) أَيْ الْجِهَادَ بِالسَّيْفِ لِتَعْرِيضِ مَنَافِعِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِلْمَوْلَى عَلَى الْفَوَاتِ بِأَنْ يُقْتَلَ، وَهَذَا الْمَانِعُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْجِهَادِ بِذَلِكَ الْوَجْهِ لَا بِوَجْهِ إعْطَاءِ الْأَمَانِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْجِهَادِ فَرْقٌ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ مِنْهُ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ) وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْهُ (أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِتَالِ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ) لِانْتِفَاءِ الْخَوْفِ مِنْهُ (فَلَمْ يُلَاقِ الْأَمَانُ مَحَلَّهُ) وَهُوَ الْخَائِفُ مِنْ الْمُؤْمِنِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ وَهُوَ الْإِعْزَازُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَخَافُ مِنْهُ وَلَا الْمَصْلَحَةُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُخْطِئُ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمَصْلَحَةِ فِي الْأَمَانِ إنَّمَا تَقُومُ بِمَنْ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ وَهُوَ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِالْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَارِسِ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>