وَإِذَا تَعَارَضَتْ رِوَايَتَاهُ تُرَجَّحَ رِوَايَةُ غَيْرِهِ،
بِرِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، لَكِنْ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا فِي أَبِي دَاوُد عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ سَمِعْت أَبِي يَذْكُرُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: «شَهِدْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إذَا النَّاسُ يَهُزُّونَ الْأَبَاعِرَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ؟ قَالُوا: أُوحِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَخَرَجْنَا مَعَ النَّاسِ نُوجِفُ، فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ ﷺ وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ فَلَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ نَعَمْ، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّهُ لَفَتْحٌ، فَقُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فِيهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا» قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا وَهَمٌ «وَإِنَّمَا كَانُوا مِائَتَيْ فَارِسٍ فَأَعْطَى الْفَرَسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى صَاحِبَهُ سَهْمًا» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا قَالَ: «فَأَعْطَى الْفَرَسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّجُلَ»: يَعْنِي صَاحِبَهُ، فَغَلَطَ الرَّاوِي عَنْهُ. وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالْجَهْلِ بِحَالِ يَعْقُوبَ.
وَأَمَّا ابْنُهُ مُجَمِّعٌ الرَّاوِي عَنْهُ فَثِقَةٌ. وَمِنْهَا مَا فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ سُبْحَةٌ، فَأَسْهَمَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلَهُ سَهْمٌ». وَفِي سَنَدِهِ الْوَاقِدِيُّ.
وَأَخْرَجَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا فِي الْمَغَازِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: «شَهِدْت بَنِي قُرَيْظَةَ فَارِسًا فَضَرَبَ لِي بِسَهْمٍ وَلِفَرَسِي بِسَهْمٍ» وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السِّرِّيِّ، حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنْهَا ثُمَّ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَالرَّاجِلَ سَهْمًا». وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي عَارَضَ بِهِ الْمُصَنِّفَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنِّفِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» اهـ. وَمِنْ طَرِيقَهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: هَذَا عِنْدِي وَهَمٌ مِنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ بِشْرٍ وَغَيْرَهُمَا رَوَوْهُ عَنْ ابْنِ نُمَيْرٍ خِلَافَ هَذَا، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ كَرَامَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ خِلَافَ هَذَا: يَعْنِي أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، تَمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» وَلَا شَكَّ أَنَّ نُعَيْمًا ثِقَةٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» قَالَ: وَتَابَعَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ. وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ الْعُمَرِيِّ بِالشَّكِّ فِي الْفَارِسِ أَوْ الْفَرَسِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُنْهَالٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَسَّمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» وَخَالَفَهُ النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادٍ.
وَمِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ مُتَعَارِضًا الْكَرْخِيُّ، لَكِنَّ رِوَايَةَ السَّهْمَيْنِ عَنْهُ أَثْبَتُ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ [الْمُؤْتَلَفُ وَالْمُخْتَلَفُ] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَوِيَّةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute