وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْفِيلِ كَمَا أَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ سَهْمَيْنِ وَهُوَ رَاجِلٌ
- ﷺ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ»، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ قَبِلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ مُنْقَطِعًا وَقَالَ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي دَفْعِهِ: وَهِشَامٌ أَثْبَتُ فِي حَدِيثِ أَبِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَهْلُ الْمَغَازِي لَمْ يَرْوُوا أَنَّهُ ﵊ «أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ»، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ يَعْنِي النَّبِيَّ ﵊ حَضَرَ خَيْبَرَ بِثَلَاثَةِ أَفْرَاسٍ السَّكْبِ وَالضَّرْبِ وَالْمُرْتَجَزِ، وَلَمْ يَأْخُذْ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ انْتَهَى.
يُرِيدُ بِحَدِيثِ هِشَامٍ مَا تَقَدَّمَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ ﵁ قَالَ: «أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِي وَسَهْمًا لِي وَسَهْمًا لِأُمِّي مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى». وَمِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامَ خَيْبَرَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمٌ لِأُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ» وَهَذَا أَحْسَنُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي لَمْ يَرْوُوا أَنَّهُ أَسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ لَيْسَ كَذَلِكَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ قَالَ: «كَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَرَسَانِ، فَأَسْهَمَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ» وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَادَ فِي خَيْبَرَ ثَلَاثَةَ أَفْرَاسٍ لِزَازٍ وَالضَّرْبِ وَالسَّكْبِ وَقَادَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَفْرَاسًا، وَقَادَ خِرَاشُ بْنُ الصِّمَّةِ فَرَسَيْنِ، وَقَادَ الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسٍ فَرَسَيْنِ. وَقَادَ أَبُو عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَرَسَيْنِ، فَأَسْهَمَ ﵊ لِكُلِّ مَنْ كَانَ لَهُ فَرَسَانِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ أَرْبَعَةً لِفَرَسَيْهِ وَسَهْمًا لَهُ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ»، وَيُقَالُ إنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ.
وَأَثْبَتَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَسْهَمَ لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسْمَعْ أَنَّهُ ﷺ أَسْهَمَ لِنَفْسِهِ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ. إلَى هُنَا كَلَامُ الْوَاقِدِيِّ مَعَ اخْتِصَارِهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا فَرْجُ بْنُ فُضَالَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ كَتَبَ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ أَسْهِمْ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلْفَرَسَيْنِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِهِمَا سَهْمًا فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَمَا كَانَ فَوْقَ الْفَرَسَيْنِ فَهُوَ جَنَائِبُ. وَقَالَ سَعِيدٌ أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ وَكَانَ لَا يُسْهِمُ لِلرَّجُلِ فَوْقَ فَرَسَيْنِ». وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ «الْبَرَاءِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَادَ فَرَسَيْنِ فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ» فَغَرِيبٌ، بَلْ جَاءَ عَنْهُ عَكْسُهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْوَاقِدِيِّ ﵀، وَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ قَالَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ قَرِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْمَدَنِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ أَوْسٍ «أَنَّهُ قَادَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَرَسَيْنِ فَضَرَبَ لَهُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ» إلَّا أَنَّ هَذِهِ غَرَائِبُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ: أَلَمْ أَسْمَعْ بِالْقَسَمِ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَاسْتَمَرَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى طَرِيقَةِ حَمْلِ الزَّائِدِ عَلَى التَّنْفِيلِ. قَالَ (كَمَا أَعْطَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ سَهْمَيْنِ وَهُوَ رَاجِلٌ) حَدِيثُهُ فِي مُسْلِمٍ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ ﵊: «خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، ثُمَّ أَعْطَانِي سَهْمَيْنِ سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ. فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا». وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: وَكَانَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ فِي تِلْكَ الْغُزَاةِ رَاجِلًا فَأَعْطَاهُ مِنْ خُمُسِهِ ﵊ لَا مِنْ سِهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ. وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ وَقَالَ: كَانَ سَلَمَةُ قَدْ اسْتَنْقَذَ لِقَاحَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: فَحَدَّثْت بِهِ سُفْيَانَ فَقَالَ: خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ ﷺ. قَالَ الْقَاسِمُ: وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute