للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَلْزَمُ مَوْلَى الْغَنِيِّ حَيْثُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، لِأَنَّ الْغَنِيَّ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنَّمَا الْغَنِيُّ مَانِعٌ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، أَمَّا الْهَاشِمِيُّ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ لِهَذِهِ الصِّلَةِ أَصْلًا لِأَنَّهُ صِينَ لِشَرَفِهِ وَكَرَامَتِهِ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ فَأُلْحِقَ بِهِ مَوْلَاهُ.

قَالَ: (وَمَا جَبَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْخَرَاجِ وَمِنْ أَمْوَالِ بَنِي تَغْلِبَ وَمَا أَهْدَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى الْإِمَامِ

بِمَوْلَى الْغَنِيِّ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَى مُعْتِقِهِ وَلَمْ تَتَعَدَّ إلَيْهِ فَقَالَ (لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ) فِي الْجُمْلَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَامِلًا عَلَيْهَا أُعْطِيَ كِفَايَتَهُ مِنْهَا (وَإِنَّمَا الْغِنَى مَانِعٌ) مِنْ الْإِسْقَاطِ عَنْ الْمُعْطَى لَهُ شَرْعًا تَحَقَّقَ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْمَوْلَى فَخُصَّ السَّيِّدُ (أَمَّا الْهَاشِمِيُّ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ لِهَذِهِ الصِّلَةِ أَصْلًا؛ لِشَرَفِهِ وَكَرَامَتِهِ) لِاتِّسَاخِهَا، وَلِذَا لَا يُعْطَى مِنْهَا لَوْ كَانَ عَامِلًا (فَأُلْحِقَ بِهِ مَوْلَاهُ)؛ لِأَنَّ التَّكْرِيمَ أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَيْهِ تِلْكَ الْأَوْسَاخُ بِنِسْبَةٍ فَإِنْ قُلْت: هَذَا تَقْدِيمٌ لِلْمَعْنَى عَلَى النَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» أُجِيبُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فِي الْكَفَاءَةِ لِلْهَاشِمِيَّةِ وَالْإِمَامَةِ فَكَانَ عَامًّا مَخْصُوصًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَفَاءَةِ وَالْإِمَامَةِ فَيُخَصُّ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّهُ تَخْفِيفٌ فَلَا يَتَعَدَّى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّضْعِيفِ إلَى الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ بِدَلِيلِ التَّخْفِيفِ بِالْإِسْلَامِ لَمْ يَتَعَدَّ إلَى الْمَوْلَى فَيَخْتَصُّ كَوْنُ الْمَوْلَى مِنْهُمْ بِمَا فِيهِ دَفْعُ نَقِيصَةٍ لِمَا أَنَّ نَقِيصَةَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ تَنْتَسِبُ إلَى مَوْلَاهُ.

وَوَجْهٌ آخَرُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْلَى مِنْهُمْ وَلَا مَلْزُومًا لِأَحْكَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ حَقِيقَةً، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ وَهُوَ أُجْرَتُهُ رُوِيَ: «أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ أَرْقَمَ بْنَ أَرْقَمٍ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَاسْتَتْبَعَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَإِذَا عُلِمَ عَدَمُ عُمُومِهِ فَلْيُخَصَّ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الزَّكَاةُ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنْ قِيلَ لَمْ يُوَافِقْ زُفَرَ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَقِيلَ بَلْ قَوْلُهُ مَرْوِيٌّ عَنْ الشَّعْبِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا جَبَاهُ الْإِمَامُ) مِنْ الْخَرَاجِ وَمِنْ أَمْوَالِ بَنِي تَغْلِبَ، وَمَا أَهْدَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى الْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>