وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْبَرُ تَبَعًا لِلْجَدِّ، وَأَصْلُهُ التَّبَعِيَّةُ فِي الْإِسْلَام وَهِيَ رَابِعَةُ أَرْبَعِ مَسَائِلَ كُلُّهَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ. وَالثَّالِثَةُ جَرُّ الْوَلَاءِ. وَالْأُخْرَى الْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ.
وَإِذَا لَمْ يَتْبَعْ الْجَدَّ فَيُسْتَرَقُّ، أَوْ تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ سَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أُسِرُوا، وَأَمَّا الْجَدُّ فَيُقْتَلُ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمُرْتَدُّ بِالْأَصَالَةِ أَوْ يُسْلِمُ.
(وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِجَدِّهِ) فَيُجْعَلُ مُرْتَدًّا تَبَعًا لَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَأَصْلُهُ التَّبَعِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ) يَعْنِي أَصْلَ الْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِلْجَدِّ هُوَ ثُبُوتُ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِلْجَدِّ (وَهِيَ رَابِعَةُ أَرْبَعِ مَسَائِلَ كُلُّهَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ) رِوَايَةُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ الْوَلَدُ تَبَعًا لِلْجَدِّ، وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ يَكُونُ تَبَعًا إحْدَاهَا هَذِهِ (وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ) لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ جَدُّهُ مُوسِرًا وَلَا أَبَ لَهُ أَوْ لَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ أَوْ عَبْدٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ تَجِبُ عَلَيْهِ (وَالثَّالِثَةُ جَرُّ الْوَلَاءِ) صُورَتُهَا: مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ وَلَهُ أَبٌ عَبْدٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، فَإِذَا عَتَقَ جَدُّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ حَافِدِهِ إلَى مَوَالِيهِ عَنْ مَوَالِي أُمِّهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَجُرُّهُ كَمَا لَوْ أُعْتِقَ أَبُوهُ.
(وَالرَّابِعَةُ الْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ) لَا يَدْخُلُ الْوَالِدَانِ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَا يَدْخُلُ كَالْأَبِ، وَتَقْيِيدُ الْحَبَلِ بِدَارِ الْحَرْبِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْحَبَلِ فِي دَارِ الْإِسْلَام
عَنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ: أَعْنِي جَبْرَ الْوَلَدِ بَلْ لِإِفَادَةِ حُكْمِ الْجَبْرِ فِيمَا إذَا حَبِلَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَوَلَدَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ مَعَ أَنَّهُ عَلِقَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلِلدَّارِ جِهَةُ اسْتِتْبَاعٍ تَقْتَضِي أَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَلَأَنْ يُجْبَرَ إذَا عَلِقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْلَى. هَذَا إذْ وُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ بَعْدَ لُحُوقِهِمَا، أَمَّا إذَا ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِوَلَدٍ لَهُمَا صَغِيرٍ ثُمَّ ظُهِرَ عَلَيْهِمْ فَالْوَلَدُ فَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ صَارَ مُرْتَدًّا تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ، وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ يَصِيرُ فَيْئًا بِالسَّبْيِ كَذَا ذُكِرَ، وَلَوْ صَحَّ لَزِمَ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَلْحَقَا بِهِ يَكُونُ مُرْتَدًّا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ إلَّا بِمُزِيلٍ.
وَالْأَحْسَنُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا بِاللَّحَاقِ بِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ لِلصَّغِيرِ بِاعْتِبَارِ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَالدَّارِ وَقَدْ انْعَدَمَ كُلُّ ذَلِكَ حِينَ ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِهِ فَكَانَ الْوَلَدُ فَيْئًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا بَلَغَ كَمَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ ذَهَبَ بِهِ وَحْدَهُ وَالْأُمُّ مُسْلِمَةٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأُمِّهِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَتْبَعُهَا بَعْدَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ قُلْنَا: تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ يَمْنَعُ الِاتِّبَاعَ فِي الْإِسْلَامِ ابْتِدَاءً لَا فِي إبْقَاءِ مَا كَانَ ثَابِتًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَخَرَجَ إلَى دَارِنَا بَقِيَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ ظُهِرَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ فَيْئًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِنَا وَلَهُ وَلَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَمَرَّتْ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ. وَكَذَا إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً وَالْوَلَدُ مَعَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute