قَالَ (وَارْتِدَادُ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ ارْتِدَادٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ، وَإِسْلَامُهُ إسْلَامٌ لَا يَرِثُ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ارْتِدَادُهُ لَيْسَ بِارْتِدَادٍ وَإِسْلَامُهُ إسْلَامٌ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: إسْلَامُهُ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ وَارْتِدَادُهُ لَيْسَ بِارْتِدَادٍ. لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِيهِ فَلَا يُجْعَلُ أَصْلًا. وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَحْكَامًا تَشُوبُهَا الْمَضَرَّةُ فَلَا يُؤَهَّلُ لَهُ. وَلَنَا فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ أَسْلَمَ فِي صِبَاهُ، وَصَحَّحَ النَّبِيُّ ﷺ إسْلَامَهُ، وَافْتِخَارُهُ بِذَلِكَ مَشْهُورٌ
لِأَنَّ بِالْمَوْتِ يَتَأَكَّدُ الْإِسْلَامُ وَلَا يَنْقَطِعُ.
(قَوْلُهُ: وَارْتِدَادُ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ ارْتِدَادٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) أَيْ يَصِحُّ. فَلَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ مُسْلِمٌ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَرِثُ مِنْهُ، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَيْسَ بِارْتِدَادٍ (وَإِسْلَامُهُ إسْلَامٌ) بِاتِّفَاقِ الثَّلَاثَةِ (فَلَا يَرِثُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ) وَيَرِثُ أَقَارِبَهُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُشْرِكَةِ لَهُ، وَتَحِلُّ لَهُ الْمُؤْمِنَةُ، وَتَبْطُلُ مَالِيَّةُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَعَنْ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: إسْلَامُهُ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ وَرِدَّتُهُ لَيْسَتْ بِارْتِدَادٍ لَهُمَا) أَيْ لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ (أَنَّهُ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِيهِ فَلَا يُجْعَلُ أَصْلًا) لِتَنَافٍ بَيْنَ صِفَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالتَّبَعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى سِمَةُ الْقُدْرَةِ وَالثَّانِيَةَ سِمَةُ الْعَجْزِ، ثُمَّ إسْلَامُهُ يَصِحُّ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ فَلَا يُجْعَلُ أَصْلًا مُسْتَقِلًّا بِهِ (وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَحْكَامًا تَشُوبُهَا الْمَضَرَّةُ) مِنْ حِرْمَانِ الْإِرْثِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الْمُشْرِكَةِ (فَلَا يُؤَهَّلُ لَهُ) كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (وَلَنَا فِيهِ) أَيْ إسْلَامِهِ (أَنَّ عَلِيًّا ﵁ أَسْلَمَ فِي صِبَاهُ، وَصَحَّحَ النَّبِيُّ ﷺ إسْلَامَهُ، وَافْتِخَارُهُ بِذَلِكَ مَشْهُورٌ) أَمَّا افْتِخَارُهُ فَمَا نُقِلَ مِنْ قَوْلِهِ ﵁:
سَبَقْتُكُمُو إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا … غُلَامًا مَا بَلَغْت أَوَانَ حُلْمِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute