للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْقِيَاسُ قَدْ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَقَدْ وُجِدَ التَّعَامُلُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ وَقَفَ كُتُبَهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْمَصَاحِفِ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمْسَكُ لِلدِّينِ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَقِرَاءَةً، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَقْفُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَأَشْبَهَ الْعَقَارَ وَالْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ. وَلَنَا أَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ لَا يَتَأَبَّدُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَصَارَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، بِخِلَافِ الْعَقَارِ، وَلَا مُعَارِضَ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ وَلَا مِنْ حَيْثُ التَّعَامُلُ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا كَانَ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ وَقْفٍ جَازَ وَقْفُهُ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَكُونُ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَيْهَا.

ذَكَرَ الْكُلَّ فِي الْفَتَاوَى. وَإِطْلَاقُ الْإِجَارَةِ يُعَارِضُ قَوْلَ الْخَصَّافِ فِي أَرْضِ الْحُكُورِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ تَخْصِيصَهَا بِسَبَبِ أَنَّهَا صَارَتْ كَالْأَمْلَاكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَسَمِعْته. وَفِي الْخُلَاصَةِ، إذَا وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ كَانُوا يُحْصُونَ جَازَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ جَازَ وَيُقْرَأُ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا وَقْفُ الْكُتُبِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا يُجِيزُهُ وَنُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يُجِيزُهُ وَوَقَفَ كُتُبَهُ، وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُجِيزُهُ وَبِهِ نَأْخُذُ. وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَاهُ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عَلَى خِلَافِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ (وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْقِيَاسُ يَنْزِلُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَقَدْ وُجِدَ التَّعَامُلُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عِنْدَنَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : كُلُّ مَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ وَقْفُهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَيْضًا.

وَأَمَّا وَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِالْإِتْلَافِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَغَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَمَا لَيْسَ بِحُلِيٍّ. وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ حَفْصَةَ ابْتَاعَتْ حُلِيًّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَحَبَسَتْهُ عَلَى نِسَاءِ آلِ الْخَطَّابِ فَكَانَتْ لَا تُخْرِجُ زَكَاتَهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَأَنْكَرَ الْحَدِيثَ، ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي. وَحَاصِلُ وَجْهِ الْجَمَاعَةِ الْقِيَاسُ عَلَى الْكُرَاعِ، وَعَارَضَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>