للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا مُؤَجَّلًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجُوزُ حَالًّا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فِيمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ شُرِعَ رُخْصَةً

دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ

فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَجَلِ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّحْصِيلِ فِيهِ فَيُسَلِّمُ،

أَمَّا الْقِيمَةُ فَمِثْلٌ مَعْنًى فَقَطْ لِأَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ إلَى الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ اسْتِقْرَاضِهِ.

فَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْقَرْضِ مُعَايَنٌ مَحْسُوسٌ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارَ الْمَقْبُوضِ ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ.

أَمَّا السَّلَمُ فَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ وَبِالْوَصْفِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا تُعْرَفُ مُطَابَقَتُهُ لِلْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ كَمَعْرِفَةِ مُطَابَقَتِهِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَقْبُوضِ الْمُوجِبِ لِلْمِثْلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَمَّا الْوَصْفُ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ: أَيْ لَا يَكْتَفِي بِالْوَصْفِ فِي مَعْرِفَةِ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَالْمَقْبُوضِ كَمَا هُوَ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ أَوَّلًا وَالْمَقْبُوضِ ثَانِيًا.

وَلَمَّا أَهْدَرَ الشَّارِعُ فِي بَابِ الرِّبَا كَوْنُ الْجُودَةِ فَارِقًا ثَبَتَ الرِّبَا بَيْنَ لَحْمَيْ نَوْعٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ اخْتَلَفَ مَوْضِعُهُمَا كَلَحْمِ فَخِذٌ مَعَ لَحْمِ ضِلْعٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا مُؤَجَّلًا) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجُوزُ السَّلَمُ الْحَالُّ) بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: أَسْلَمْتُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ.

وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (لِإِطْلَاقِ النَّصِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ (وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ) وَالظَّاهِرِ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ حَدِيثٍ. وَهَذَا لَا يَثْبُتُ إلَّا مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِنَّمَا الْوَجْهُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلُّوا عَلَى نَفْيِهِ بِأَنَّهُ لَوْ شُرِطَ الْأَجَلُ لَكَانَ لِتَحْصِيلِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْعَاقِدِ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ تَسْلِيمَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَقْدِرُ عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>