إمَّا أَنْ يَجْحَدَ الْحَوَالَةَ وَيَحْلِفَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَمُوتَ مُفْلِسًا) لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ يَتَحَقَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ التَّوَى فِي الْحَقِيقَةِ (وَقَالَا هَذَانِ الْوَجْهَانِ. وَوَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ)
وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِفْلَاسَ لَا يَتَحَقَّقُ بِحُكْمِ الْقَاضِي عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، لِأَنَّ مَالَ اللَّهِ غَادٍ وَرَائِحٌ.
قَالَ (وَإِذَا طَالَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمِثْلِ مَالِ الْحَوَالَةِ فَقَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْت بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك لَك يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ الدَّيْنِ) لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ قَضَاءُ دَيْنِهِ بِأَمْرِهِ إلَّا أَنَّ الْمُحِيلَ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ، وَلَا تَكُونُ الْحَوَالَةُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِدُونِهِ.
إمَّا أَنْ يَجْحَدَ الْحَوَالَةَ وَيَحْلِفَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ) لِلْمُحْتَالِ وَلَا لِلْمُحِيلِ، فَقَوْلُهُ (لَهُ) يَعْنِي كُلًّا مِنْ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ (أَوْ يَمُوتَ مُفْلِسًا) لَا مَالَ لَهُ مُعَيَّنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلَ عَنْهُ بِدَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَعِنْدَهُمَا بِهَذَيْنِ. وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِإِفْلَاسِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَفْلِيسَ الْقَاضِي يَصِحُّ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ ارْتِفَاعُهُ بِحُدُوثِ مَالٍ لَهُ فَلَا يَعُودُ بِتَفْلِيسِ الْقَاضِي عَلَى الْمُحِيلِ. وَالتَّوَى التَّلَفُ، يُقَالُ مِنْهُ تَوِيَ بِوَزْنِ عَلِمَ يَتْوَى وَهُوَ تَوٍ وَتَاوٍ.
وَلَوْ قَالَ الْمُحْتَالُ مَاتَ مُفْلِسًا وَقَالَ الْمُحِيلُ بِخِلَافِهِ فَفِي الشَّافِي وَالْمَبْسُوطِ: الْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعُسْرَةُ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا فَزَعَمَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَفِي شَرْحِ النَّاصِحِيِّ: الْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ مَعَ الْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِ عَوْدَ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا طَالَبَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ بِمِثْلِ مَالِ الْحَوَالَةِ فَقَالَ الْمُحِيلُ) إنَّمَا (أُحِلْت بِدَيْنٍ لِي عَلَيْك لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الدَّيْنِ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ قَدْ تَحَقَّقَ فِي حَقِّهِ وَهُوَ قَضَاؤُهُ دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ، وَلِأَنَّ الْمُحِيلَ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ) وَلَا يُقَالُ: قَبُولُ الْحَوَالَةِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ تَكُونُ مِمَّا عَلَيْهِ وَهِيَ الْمُقَيَّدَةُ وَقَدْ تَكُونُ مُطْلَقَةً وَالْمُطْلَقَةُ هِيَ حَقِيقَةُ الْحَوَالَةِ أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَوَكَالَةٌ بِالْأَدَاءِ مِنْ وَجْهِ الْقَبْضِ.
(وَإِذَا طَالَبَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ بِمَا أَحَالَهُ بِهِ فَقَالَ إنَّمَا أَحَلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي وَقَالَ الْمُحْتَالُ لَا بَلْ أَحَلْتنِي بِدَيْنٍ كَانَ لِي عَلَيْك، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ يَدَّعِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُحِيلِ (الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute