وَلَا يَحْضُرُ دَعْوَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً لِأَنَّ الْخَاصَّةَ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ فَيُتَّهَمُ بِالْإِجَابَةِ، بِخِلَافِ الْعَامَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ قَرِيبُهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ يُجِيبُهُ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً كَالْهَدِيَّةِ، وَالْخَاصَّةُ مَا لَوْ عَلِمَ الْمُضِيفُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا لَا يَتَّخِذُهَا.
قَالَ (وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ
بِلَا زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَحْضُرُ دَعْوَةً إلَّا إذَا كَانَتْ عَامَّةً) يَعْنِي وَلَا خُصُومَةَ لِصَاحِبِ الْوَلِيمَةِ الْعَامَّةِ (وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ قَرِيبُهُ) فَلَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ إلَّا إذَا كَانَتْ عَامَّةً وَلَا خُصُومَةَ لَهُ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ قَرِيبُهُ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً) هَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ الطَّحَاوِيُّ. وَقَالَ الْخَصَّافُ: يُجِيبُ الْخَاصَّةَ لِقَرِيبِهِ بِلَا خِلَافٍ لِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْخِلَافِ طُولِبَ بِالْفَرْقِ فِي الْقَرِيبِ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ، قَالَ: يُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ جَرْي الْعَادَةِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الدَّعْوَى فَصَلَ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَتْنِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الضِّيَافَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُحَرَّمُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا الدَّعْوَةُ وَالْمُهَادَاةُ وَصِلَةُ الْقَرَابَةُ وَأَحْدَثَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ. وَمَا فِي الْهَدِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا الْمُهَادَاةُ وَصِلَةُ الْقَرَابَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فَإِذَا أَهْدَى بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِقَبُولِهِ انْتَهَى. فَقَدْ آلَ الْحَالُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْغَرِيبِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالضِّيَافَةِ سِوَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فَقِيلَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ خَاصَّةٌ وَالْعَشَرَةُ وَمَا فَوْقَهَا عَامَّةٌ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ (الْخَاصَّةُ) هِيَ (الَّتِي لَوْ عَلِمَ الْمُضِيفُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا لَا يَتَّخِذُهَا) وَالْعَامَّةُ هِيَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا حَضَرَهَا الْقَاضِي أَوْ لَا. وَعِنْدِي أَنَّ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْعَامَّةَ دَعْوَةُ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَمَا سِوَاهُمَا خَاصَّةٌ حَسَنٌ فَإِنَّ الْغَالِبَ هُوَ كَوْنُ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ هَاتَيْنِ، وَرُبَّمَا مَضَى عُمَرُ وَلَمْ يَعْرِفْ مَنْ اصْطَنَعَ طَعَامًا عَامًا ابْتِدَاءً لِعَامَّةِ النَّاسِ بَلْ لَيْسَ إلَّا لِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ أَوْ لِمَخْصُوصٍ مِنْ النَّاسِ وَلِأَنَّهُ أَضْبَطُ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْقَاضِي لَمْ يَصْنَعْ أَوْ يَصْنَعُ غَيْرَ مُحَقَّقٍ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُبْطَنٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لَوَائِحُ لَيْسَ كَضَبْطِ هَذَا، وَيَكْفِي عَادَةُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَعَادَةُ النَّاسِ هِيَ مَا ذَكَرَ النَّسَفِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: يَحْضُرُ الْوَلَائِمَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ ﷺ كَانَ يَحْضُرُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْضِي. قُلْنَا كَانَ ﷺ مَعْلُومَ الْعِصْمَةِ عِنْدَ الْكُلِّ لَا يَضُرُّهُ حُضُورٌ وَلَا قَبُولُ هَدِيَّةٍ فَلَقَدْ أُبْعِدَتْ.
(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ) الْمُرَادُ مَرِيضٌ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute