﵊ «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةُ حُقُوقٍ» وَعَدَّ مِنْهَا هَذَيْنِ.
(وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ دُونَ خَصْمِهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً. قَالَ (وَإِذَا حَضَرَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجُلُوسِ وَالْإِقْبَالِ)
لَا يَعُودُهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ» فَهَذِهِ هِيَ السَّادِسَةُ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ فِيهِ: «وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ يُشَمِّتُهُ». وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيِّ قَالَ: كُنَّا غُزَاةً فِي الْبَحْرِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَانْضَمَّ مَرْكَبُنَا إلَى مَرْكَبِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا حَضَرَ غَدَاؤُنَا أَرْسَلْنَا إلَيْهِ فَأَتَانَا وَقَالَ: دَعَوْتُمُونِي وَأَنَا صَائِمٌ فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنْ أَنْ أُجِيبَكُمْ لِأَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إنَّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتَّ خِصَالٍ وَاجِبَةٍ، إنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا فَقَدْ تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ لِأَخِيهِ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ، وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ، وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ، وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ، وَيَحْضُرُهُ إذَا مَاتَ، وَيَنْصَحُهُ إذَا اسْتَنْصَحَهُ» وَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْوُجُوبِ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الْوُجُوبِ فِي اصْطِلَاحِ الْفِقْهِ الْحَادِثِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُ الِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ، وَكَوْنُ الْوُجُوبِ وُجُوبَ عَيْنٍ فِي الْجِنَازَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَمْرٌ ثَابِتٌ عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا بِالِاصْطِلَاحِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ دُونَ خَصْمِهِ) الْآخَرِ، لِمَا رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ فَنَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ ﵁ فَأَضَافَهُ، فَلَمَّا قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُخَاصِمَ، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ﵁: تَحَوَّلْ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَانَا أَنْ نُضَيِّفَ الْخَصْمَ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ». وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثُمَّ الدَّارَقُطْنِيُّ. (وَلِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةَ) الْمَيْلِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا حَضَرَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجُلُوسِ وَالْإِقْبَالِ) لِمَا رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي الْمَجْلِسِ وَالْإِشَارَةِ وَالنَّظَرِ، وَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَحْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ» وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنْ: آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِك وَعَدْلِك وَمَجْلِسِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute