للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (فَإِنْ امْتَنَعَ حَبْسُهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ثَبَتَ غِنَاهُ بِهِ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْتِزَامِهِ بِاخْتِيَارِهِ دَلِيلُ يَسَارِهِ إذْ هُوَ لَا يَلْتَزِمُ إلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ مُعَجَّلُهُ دُونَ مُؤَجَّلِهِ. قَالَ (وَلَا يَحْبِسُهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إذَا قَالَ إنِّي فَقِيرٌ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ غَرِيمُهُ أَنَّ لَهُ مَالًا فَيَحْبِسَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ دَلَالَةُ الْيَسَارِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَعَلَى الْمُدَّعِي إثْبَاتُ غِنَاهُ،

وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَحْبِسُهُ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ لِأَنَّهُ يَعْتَذِرُ بِأَنِّي مَا كُنْت أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيَّ دَيْنًا لَهُ بِخِلَافِهِ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَحْوَجَهُ إلَى شَكْوَاهُ؛ وَعَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ لَا يَحْبِسُهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِهِ بِقَضَائِهِ (حَبَسَهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَ) الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ثَبَتَ غِنَاهُ (بِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْغِنَى الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِيفَاءِ، وَإِلَّا فَالدَّيْنُ قَدْ يَكُونُ دُونَ النِّصَابِ وَيُحْبَسُ بِهِ: يَعْنِي إذَا دَخَلَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ثَبَتَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى إيفَائِهِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ بَدَلَ مَالٍ لَكِنَّهُ لَزِمَهُ عَنْ عَقْدٍ الْتَزَمَهُ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ مَا يُلْزِمُ ذَلِكَ الْمَالَ دَلِيلُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيَحْبِسُهُ، وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ إنِّي فَقِيرٌ لِأَنَّهُ كَالْمُنَاقِضِ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الْيَسَارِ (وَلَا يَحْبِسُهُ فِيمَا سِوَى هَذَيْنِ) النَّوْعَيْنِ (إذَا قَالَ إنِّي فَقِيرٌ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ غَرِيمُهُ أَنَّ لَهُ مَالًا فَيَحْبِسَهُ) حِينَئِذٍ (لِأَنَّهُ وَجَدَ دَلَالَةَ الْيَسَارِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>