(وَالشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ يُخَيَّرُ فِيهَا الشَّاهِدُ بَيْنَ السَّتْرِ وَالْإِظْهَارِ) لِأَنَّهُ بَيْنَ حِسْبَتَيْنِ إقَامَةِ الْحَدِّ وَالتَّوَقِّي عَنْ الْهَتْكِ (وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ ﷺ لِلَّذِي شَهِدَ عِنْدَهُ «لَوْ سَتَرْته بِثَوْبِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» وَقَالَ ﵊ «مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» وَفِيمَا نُقِلَ مِنْ تَلْقِينِ الدَّرْءِ عَنْ النَّبِيِّ ﵊ وَأَصْحَابِهِ ﵃ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ السَّتْرِ
وَالْوَجْهُ أَنْ تُقْبَلَ وَيُحْمَلَ عَلَى الْعُذْرِ مِنْ نِسْيَانٍ ثُمَّ تَذَكُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَالشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ) أَيْ الْأَدَاءُ فِي الْحُدُودِ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالتَّرْكِ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْحُدُودِ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّتْرِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ لِلَّذِي شَهِدَ عِنْدَهُ «لَوْ سَتَرْته بِثَوْبِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا قَالَهُ ﷺ لِهَزَّالٍ.
ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ هَزَّالٌ «لَوْ سَتَرْته بِرِدَائِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» وَالْمُرَادُ بِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ سَتَرْته مَاعِزٌ ﵁. رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ وَقَالَ لِهَزَّالٍ: لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» وَإِنَّ هَزَّالًا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى مَاعِزٍ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ ﷺ وَيُقِرَّ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا، لِأَنَّ مَاعِزًا إنَّمَا حُدَّ بِالْإِقْرَارِ، أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ هَزَّالًا أَمَرَ مَاعِزًا أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ ﷺ فَيُخْبِرَهُ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute