للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فِي الْمُزَكِّي فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ) حَتَّى صَلُحَ الْعَبْدُ مُزَكِّيًا، فَأَمَّا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ فَهُوَ شَرْطٌ، وَكَذَا الْعَدَدُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ لِاخْتِصَاصِهَا بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ. قَالُوا: يُشْتَرَطُ الْأَرْبَعَةُ فِي تَزْكِيَةِ شُهُودِ الزِّنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ .

(فَصْلٌ)

الْعَدَدُ كَمَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ، وَلِذَا اُشْتُرِطَتْ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي فِي الْحُدُودِ كَمَا اُشْتُرِطَتْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا.

وَلَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَالتَّوَقُّفُ لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتَرَاك كُلِّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حُكْمٍ، بَلْ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ الَّتِي بِهَا ثُبُوتُ الْحَقِّ يَكُونُ مِثْلُهَا وَمَا لَا فَلَا يَلْزَمُ، وَالتَّزْكِيَةُ لَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا ثُبُوتُ الْحَقِّ بَلْ إلَى الشَّهَادَةِ، فَكَانَتْ التَّزْكِيَةُ شَرْطًا لَا عِلَّةً، وَلِهَذَا وَقَعَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي التَّزْكِيَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ اشْتِرَاطُهَا فِي التَّزْكِيَةِ، عَلَى أَنَّ التَّعَدِّيَةَ تَكُونُ بِجَامِعٍ يُعْلَمُ اعْتِبَارُهُ، وَاشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ تَحَكُّمِيٌّ فِي الشَّهَادَةِ يَعْنِي تَعَبُّدِيٌّ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: هُوَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ. وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا إذْ فِي الْقِيَاسِ يَكْفِي الْوَاحِدُ الْعَدْلُ لِأَنَّ خَبَرَهُ مُوجِبٌ لِلْعَمَلِ لَا عِلْمِ الْيَقِينِ، وَكَمَا لَا يَثْبُتُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الِاثْنَيْنِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا: أَيْ لَا يَتَعَدَّى الشَّهَادَةَ إلَى التَّزْكِيَةِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، فَأَمَّا تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ، مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي فِيهِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ زِيَادَةُ شِبْهٍ لَهَا بِالشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ اشْتِرَاطِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَهَا اتِّفَاقًا، وَلَمَّا ظَهَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارُ التَّزْكِيَةِ بِالشَّهَادَةِ فِي حَقِّ الْعَدَدِ.

قَالَ الْمَشَايِخُ: فَيَجِبُ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْمُزَكِّينَ فِي شُهُودِ الزِّنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ يَتَعَلَّقُ بِكَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ وَمُسَوِّغِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>