للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا مَنْ يَأْتِي بَابًا مِنْ الْكَبَائِرِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْحَدُّ) لِلْفِسْقِ.

قَالَ (وَلَا مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِ مِئْزَرٍ) لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ.

(أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا أَوْ يُقَامِرُ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ). لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ لِلِاشْتِغَالِ بِهِمَا، فَأَمَّا مُجَرَّدُ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ فَلَيْسَ بِفِسْقٍ مَانِعٍ مِنْ الشَّهَادَةِ،

السَّبْعُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبَهْتُ الْمُؤْمِنِ، وَالزِّنَا، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَكْلَ الرِّبَا، وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ.

وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ فَذَكَرهَا وَفِيهَا السِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ» وَفِيهِ عَنْهُ «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا» الْحَدِيثَ.

وَقَدْ عَدَّ أَيْضًا مِنْهَا السَّرِقَةَ، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَقِيلَ الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ، وَقِيلَ مَا ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَقِيلَ مَا كَانَ حَرَامًا لَعَيْنِهِ.

وَنُقِلَ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهَا مَا كَانَ حَرَامًا مَحْضًا مُسَمًّى فِي الشَّرْعِ فَاحِشَةً كَاللِّوَاطَةِ أَوْ لَمْ يُسَمَّ بِهَا لَكِنْ شُرِعَ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ بِنَصٍّ قَاطِعٍ، إمَّا فِي الدُّنْيَا بِالْحَدِّ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ الْوَعِيدِ بِالنَّارِ فِي الْآخِرَةِ كَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ بِنَفْسِ الشُّرْبِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَّ مَا ثَبَتَ بِنَصٍّ قَاطِعٍ، إلَّا إذَا دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَدَالَةَ تَزُولُ بِالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ فَهَذَا أَوْلَى، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ، فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا فِيهِ حَدٌّ بِنَصِّ الْكِتَابِ قَالَ: وَأَصْحَابُنَا لَمْ يَأْخُذُوا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا بَنَوْا عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا مَا كَانَ شَنِيعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُنَابَذَةٌ لِلْمُرُوءَةِ وَالْكَرَمِ، وَكُلُّ فِعْلٍ يَرْفُضُ الْمُرُوءَةَ وَالْكَرَمَ فَهُوَ كَبِيرَةٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُصِرَّ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ. وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ عَدَمِ الِانْضِبَاطِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا. وَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: الْعَدْلُ مَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ كُلَّهَا حَتَّى لَوْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ.

وَفِي الصَّغَائِرِ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ لِتَصِيرَ كَبِيرَةً حَسَنٌ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِعِصَامٍ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ، غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ بِزَوَالِ الْعَدَالَةِ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ يَحْتَاجُ إلَى الظُّهُورِ، فَلِذَا شَرَطَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ الْإِدْمَانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَجْلِسُ مَجْلِسَ الْفُجُورِ وَالْمَجَانَةِ عَلَى الشُّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ، لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِهِمْ وَتَرْكَهُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ يُسْقِطُ عَدَالَتَهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ: وَكَذَا الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعَاصِي، وَالْحَثُّ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ.

(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ) وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مَنْ مَشَى فِي الطَّرِيقِ بِسَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَلَيْسَ لِلْحُرْمَةِ بَلْ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا، إلَى قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>