(وَإِنْ قَالُوا لِرَجُلٍ حَيٍّ نَشْهَدُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعِي مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ تُقْبَلْ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ كَالْمِلْكِ؛ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَهُ تُقْبَلُ فَكَذَا هَذَا صَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُدَّعِي. وَجْهُ الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ قَامَتْ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّ الْيَدَ مُنْقَضِيَةٌ وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى مِلْكٍ وَأَمَانَةٍ وَضَمَانٍ فَتَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِإِعَادَةِ الْمَجْهُولِ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، وَبِخِلَافِ الْآخِذِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ، وَلِأَنَّ يَدَ ذِي الْيَدِ مُعَايِنٌ وَيَدُ الْمُدَّعِي مَشْهُودٌ بِهِ، وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ
الْمُرَادُ بِلَفْظِ فُلَانٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهُمَا كَانَتْ فِي يَدِ فُلَانٍ: يَعْنِي أَبَا الْوَارِثِ الْمُدَّعِي جَازَتْ الشَّهَادَةُ فَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْوَارِثِ لِإِثْبَاتِهِمَا الْيَدَ لِلْمَيِّتِ إلَى حِينِ الْمَوْتِ، وَبِذَلِكَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ لِأَنَّ الْيَدَ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ إلَى يَدِ عَصَبٍ وَأَمَانَةٍ وَمِلْكٍ، فَإِنَّهَا عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ تَصِيرُ يَدَ مِلْكٍ، لِمَا عُرِفَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ إذَا مَاتَ مُجْهَلًا يَصِيرُ الْمَغْصُوبُ الْوَدِيعَةُ مِلْكَهُ لِصَيْرُورَتِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ شَرْعًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ مَالِكِ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ وَمَاتَ فِيهَا أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ فِيهَا أَوْ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِ أَوْ نَائِمٌ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ وَهَذَا الثَّوْبُ مَوْضُوعٌ عَلَى رَأْسِهِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُورَثِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِقَوْلِهِ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ.
قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ: لَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَى الْمَحَلِّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى لَا يَصِيرَ غَاصِبًا وَلَا يَصِيرَ ذُو الْيَدِ مُقِرًّا بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِالرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَاللُّبْسِ فَإِنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ بِهَا وَيَصِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute