للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيُصَلِّي الْمُومِئُ خَلْفَ مِثْلِهِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالِ إلَّا أَنْ يُومِئَ الْمُؤْتَمُّ قَاعِدًا وَالْإِمَامُ مُضْطَجِعًا، لِأَنَّ الْقُعُودَ مُعْتَبَرٌ فَتَثْبُتَ بِهِ الْقُوَّةُ (وَلَا يُصَلِّي الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ خَلْفَ الْمُومِئِ) لِأَنَّ حَالَ الْمُقْتَدِي أَقْوَى، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ .

(وَلَا يُصَلِّي الْمُفْتَرِضُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ) لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِنَاءٌ، وَوَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ وَمَعْدُومٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْبِنَاءُ عَلَى الْمَعْدُومِ. قَالَ (وَلَا مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ) لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ شَرِكَةٌ وَمُوَافَقَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاتِّحَادِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَصِحُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

وَالرُّجُوعُ كَالتَّغَنِّي نُسِبَ أَلْبَتَّةَ إلَى قَصْدِ السُّخْرِيَةِ وَاللَّعِبِ، إذْ مَقَامُ طَلَبِ الْحَاجَةِ التَّضَرُّعُ لَا التَّغَنِّي (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي الْمُومِئُ خَلْفَ مِثْلِهِ) وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُومِئ قَاعِدًا وَالْمَأْمُومُ يُومِئ قَائِمًا لِأَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ لَيْسَ بِرُكْنٍ، بَلْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُومِئَ) قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي هَذِهِ بَعْدَ نَقْلِ الْخِلَافِ فِيهَا: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَكَذَا الْأَظْهَرُ عَلَى قَوْلِهِمَا الْجَوَازُ، وَحَكَمَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِاخْتِيَارِ مَا فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ الْقُعُودَ مُعْتَبَرٌ حَتَّى يَجِبَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الِاسْتِلْقَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَيْهِ بِالْحُكْمِ بَلْ تَجِبُ مَعَهُ لِأَنَّهُ الْوُسْعُ الْحَاصِلُ

(قَوْلُهُ وَلَا مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ) وَقَوْلُنَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَلَا يَجُوزُ النَّاذِرُ بِالنَّاذِرِ، إلَّا أَنْ يَنْذِرَ نَفْسَ مَا نَذَرَهُ الْآخَرُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ الْحَالِفُ بِالْحَالِفِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا الْبِرُّ فَبَقِيَتْ الصَّلَاتَانِ نَفْلًا فِي نَفْسِهِمَا، وَلِذَا صَحَّ الْحَالِفُ بِالنَّاذِرِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ فَصَارَ كَظُهْرِ الْأَمْسِ بِمَنْ يُصَلِّي ظُهْرَ الْيَوْمِ، وَمُصَلَّيَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَالنَّاذِرَيْنِ لِأَنَّ طَوَافَ هَذَا غَيْرُ طَوَافِ الْآخَرِ وَهُوَ السَّبَبُ، فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي نَافِلَةٍ فَأَفْسَدَاهَا صَحَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ أَفْسَدَا مُنْفَرِدَيْنِ نَفْلًا فَلَا وَلَا خَلْفَ النَّاذِرِ، وَلَوْ صَلَّيَا الظُّهْرَ وَنَوَى كُلٌّ إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهِيَ نِيَّةُ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ فَلَوْ نَوَى كُلٌّ الِاقْتِدَاءَ بِالْآخَرِ فَسَدَتْ، وَتَجُوزُ السُّنَّةُ بَعْدَ الظُّهْرِ بِالسُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَسُنَّةُ الْعِشَاءِ بِالتَّرَاوِيحِ، وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ فِي الْوَتْرِ بِمَنْ يَرَى أَنَّهُ سُنَّةٌ فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْوَتْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ) إذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ ثَبَتَ فِي الْكُلِّ فَلْنَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ. تَمَسَّكَ فِيهِ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عِشَاءَ الْآخِرَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» لَفْظُ مُسْلِمٍ. وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: «فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ: «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ». وَأُجِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>