للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَهُوَ يُؤَدَّى فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فَاكْتَفَى بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ.

قَالَ (الْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لَا يُفْصَلُ بَيْنهنَّ بِسَلَامٍ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ»

عَلَى ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَجَلِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ خَشْيَةَ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ. وَعَنْ الْقَرِينَةِ الْمُدَّعَاةِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ أَمْرُ الْوِتْرِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ كَانَ أَوَّلًا كَذَلِكَ. وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي آخِرِهَا» فَدَلَّ أَنَّ الْوِتْرَ كَانَ أَوَّلًا خَمْسَةً، وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يُفِيدُ خِلَافَهُ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا فِي الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ «لَا تُوتِرْ بِثَلَاثٍ، أَوْتِرْ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ» وَالْإِيتَارُ بِثَلَاثٍ جَائِزٌ إجْمَاعًا، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا وَمَا شَاكَلَهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ أَمْرُ الْوِتْرِ، وَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِمَا يُؤَكِّدُ مُقْتَضَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ «فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنِّي» مُؤَكَّدٌ بِالتَّكْرَارِ ثَلَاثًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ ثَبَتَ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ صَلَاةٌ مَقْضِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ فَتَجِبُ كَالْمَغْرِبِ، أَمَا إنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ فَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي وَقْتِهَا السَّحَرُ، وَذَلِكَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً فِي الْعِشَاءِ، فَلَوْ كَانَ سُنَّةٌ تَبَعًا لِلْعِشَاءِ لَمْ يَتَخَالَفْ وَقْتُهُمَا فِي الصِّفَةِ بَلْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ فِيهِ الْمُسْتَحَبَّ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْنِيّ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ سُنَّةٌ) وَعَنْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ: أَيْ عَمَلِيٌّ وَهُوَ الْوَاجِبُ فَعَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَالْمُرَادُ بِهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ.

وَفِي الْفَتَاوَى: لَوْ اجْتَمَعَتْ أَهْلُ قَرْيَةٍ عَلَى تَرْكِ الْوِتْرِ أَدَّبَهُمْ أَوْ حَبَسَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعُوا قَاتَلَهُمْ فَإِنْ امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ السُّنَنِ قَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى يُقَاتِلُهُمْ كَالْفَرَائِضِ

(قَوْلُهُ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ ) رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ»، وَكَذَا رَوَى النَّسَائِيّ عَنْهَا قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْرِ» وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ قِيلَ لِلْحَسَنِ إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ فَقَالَ كَانَ عُمَرُ أَفْقَهَ مِنْهُ وَكَانَ يَنْهَضُ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّكْبِيرِ انْتَهَى وَسَكَتَ عَنْهُ.

وَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>