وَيَقْنُتُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀
عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ «الْحَسَنِ بْن عَلِيٍّ ﵄ قَالَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، وَفِي لَفْظٍ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافَنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتُوَلِّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَرَوَاهُ ابْن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ فِيهِ بَعْدَ وَالَيْت «وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» وَزَادَ النَّسَائِيّ «بَعْدَ وَتَعَالَيْتَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ» قَالَ النَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ فِيهِ: إذَا رَفَعْت رَأْسِي وَلَمْ يَبْقَ إلَّا السُّجُودُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَأَخْرَجَ الْأَرْبَعَةُ أَيْضًا وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي آخَرِ وِتْرِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخِلَافِيَّةِ قَبْلَ هَذِهِ مَا هُوَ أَنَصُّ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى قُنُوتِ الْوِتْرِ مِنْ هَذَا فَارْجِعْ إلَيْهِ تَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا فِي هَذَا الْمَطْلُوبِ. وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إثْبَاتِ وُجُوبِ الْقُنُوتِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ثُبُوتِ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِيهِ: أَعْنِي قَوْلَهُ " اجْعَلْ هَذَا فِي وِتْرِك " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ.
فَلَمْ يَثْبُتْ لِي، وَمِنْهُمْ مَنْ حَاوَلَ الِاسْتِدْلَالَ بِالْمُوَاظَبَةِ الْمُفَادَةِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهَا غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِالتَّرْكِ مَرَّةً، لَكِنْ مُطْلَقُ الْمُوَاظَبَةِ أَعَمُّ مِنْ الْمَقْرُونَةِ بِهِ أَحْيَانًا وَغَيْرِ الْمَقْرُونَةِ، وَلَا دَلَالَةَ لِلْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ عَيْنًا أَوْ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا، لَكِنَّ الْمُتَقَرِّرَ عِنْدَهُمْ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ فَسَكَتَ، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بَعَثَكَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ عَلَّمَهُ الْقُنُوتَ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخَافُ عَذَابَكَ إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ» وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا يُؤَقَّتُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ صِدْقِ رَغْبَةٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ.
قَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ فِي غَيْرِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهُ جَازَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهُ قُنُوتَ الْحَسَنِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ إذَا لَمْ يُؤَقِّتْ فَتَفْسُدُ الصَّلَاةُ. ثُمَّ إذَا شَرَعَ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ قَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت، لَمْ يَذْكُرْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِيهِ، وَاَلَّذِي فِي تَرْجَمَةِ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَقِيهُ: حَدَّثَنِي فَرَجٌ مَوْلَى أَبِي يُوسُفَ قَالَ: رَأَيْت مَوْلَايَ أَبَا يُوسُفَ إذَا دَخَلَ فِي الْقُنُوتِ لِلْوِتْرِ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: كَانَ فَرَجٌ ثِقَةً انْتَهَى.
وَوَجْهُهُ عُمُومُ دَلِيلِ الرَّفْعِ لِلدُّعَاءِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا رَفْعَ فِي دُعَاءِ التَّشَهُّدِ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُنُوتَ يَقُولُ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَيُكَرِّرُ ثَلَاثًا انْتَهَى. وَحَدِيثُ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ» تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ.
الْخِلَافِيَّةُ الثَّالِثَةُ لَهُ فِيهَا حَدِيثُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ أَنَسٍ «مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَأَنَا أَقْرَبُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute