عَلَى الْكَمَالِ (وَلَا إلَى امْرَأَتِهِ) لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ عَادَةً (وَلَا تَدْفَعُ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَالَا: تَدْفَعُ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ «﵊ لَكِ أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَّدَقَةِ، وَأَجْرُ الصِّلَةِ» قَالَهُ لِامْرَأَةِ
وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَخْلُوقٍ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا وَلَا إلَى أُمِّ وَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ الْغَائِبِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَوْلَادُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ، وَسَائِرُ الْقَرَابَاتِ غَيْرُ الْوِلَادِ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِي عِيَالِهِ وَلَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ يَنْوِي الزَّكَاةَ جَازَ عَنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا يَنْوِي الزَّكَاةَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَدَاءُ وَاجِبٍ فِي وَاجِبٍ آخَرَ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا لَمْ يَحْتَسِبْهَا بِالنَّفَقَةِ لِتَحْقِيقِ التَّمْلِيكِ عَلَى الْكَمَالِ.
وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ لَهُ أَخٌ قَضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ لَا فِي الْإِطْعَامِ.
وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِطْعَامِ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَبْلَهُ. وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الِاخْتِلَافِ فِي الطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ إبَاحَةٌ أَوْ تَمْلِيكٌ، وَفِي الْكَافِي عَائِلٌ يَتِيمٌ أَطْعَمَهُ عَنْ زَكَاتِهِ صَحَّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الرُّكْنِ، وَهُوَ التَّمْلِيكُ، وَهَذَا إذَا سَلَّمَ الطَّعَامَ إلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُحَمَّدًا لَا يُجِيزُهُ وَإِنْ سَلَّمَ الطَّعَامَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ﵀ (قَوْلُهُ وَلَا إلَى امْرَأَتِهِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى﴾ أَيْ بِمَالِ خَدِيجَةَ. وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهَا إدْخَالُهُ ﵊ فِي الْمَنْفَعَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ أَحْيَانًا فَكَانَ الدَّافِعُ إلَى هَؤُلَاءِ كَالدَّافِعِ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ إذْ كَانَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ ثَابِتًا، وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ صَدَقَةَ فِطْرِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَعُشْرَهُ، بِخِلَافِ خُمْسِ الرِّكَازِ يَجُوزُ دَفْعُهُ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْفَقْرُ. وَلِهَذَا لَوْ افْتَقَرَ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ جَازَ أَنْ يُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ. فَصَارَ الْأَصْلُ فِي الدَّفْعِ الْمُسْقِطِ كَوْنَهُ عَلَى وَجْهٍ تَنْقَطِعُ مَنْفَعَتُهُ عَنْ الدَّافِعِ ذَكَرُوا مَعْنَاهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ، وَهُوَ مَعَ قَبْضٍ مُعْتَبَرٍ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ دَفَعَ لِلصَّبِيِّ الْفَقِيرِ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ دَفَعَهَا الصَّبِيُّ إلَى أَبِيهِ قَالُوا: لَا يَجُوزُ. كَمَا لَوْ وَضَعَ زَكَاتَهُ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ الْفَقِيرُ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ، فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْبِضَهَا لَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَهُ، وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا أَوْ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي بِهِ وَيُخْدَعُ عَنْهُ يَجُوزُ. وَلَوْ وَضَعَ الزَّكَاةَ عَلَى يَدِهِ فَانْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ جَازَ، وَكَذَا إنْ سَقَطَ مَالُهُ مِنْ يَدِهِ فَرَفَعَهُ فَقِيرٌ فَرَضِيَ بِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَالْمَالُ قَائِمٌ، وَالدَّفْعُ إلَى الْمَعْتُوهِ مُجْزِئٌ.
(قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْخُرُوجُ عَنْهُ عَلَى الْكَمَالِ، وَهُمَا قَالَ: لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ مَعَ النَّصِّ وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، وَقَالَتْ فَرَجَعْتُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ: إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنِّي وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إلَى غَيْرِكُمْ، قَالَتْ: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ: بَلْ ائْتِيهِ أَنْتِ. قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَاجَتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute