للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُمَا (وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ) لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ (وَلَا إلَى وَلَدِ غَنِيٍّ إذَا كَانَ صَغِيرًا) لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِيَسَارِ أَبِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِيَسَارِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَبِخِلَافِ امْرَأَةِ الْغَنِيِّ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً بِيَسَارِ زَوْجِهَا، وَبِقَدْرِ النَّفَقَةِ لَا تَصِيرُ مُوسِرَةً.

(وَلَا يَدْفَعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ) لِقَوْلِهِ

إلَى مَدْيُونِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ السَّاكِتُ التَّضْمِينَ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَبْدِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ كَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ) فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا مَدْيُونًا بِمَا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ وَكَسْبَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ عِنْدَهُ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ، وَلَا إلَى مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ مَصْرِفٌ بِالنَّصِّ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا كَانَ الْعَبْدُ زَمِنًا وَلَيْسَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ وَلَا يَجِدُ شَيْئًا أَوْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا يَجُوزُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِي وُقُوعُ الْمِلْكِ لِمَوْلَاهُ بِهَذَا الْعَارِضِ وَهُوَ الْمَانِعُ، وَغَايَةُ مَا فِي هَذَا الْوُجُوبِ كِفَايَتُهُ عَنْ السَّيِّدِ وَتَأْثِيمُهُ بِتَرْكِهِ وَاسْتِحْبَابُ الصَّدَقَةِ النَّافِلَةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ مَوْلَاهُ الْغَنِيِّ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ لَا يَنْزِلُ عَنْ حَالِ ابْنِ السَّبِيلِ.

(قَوْلُهُ وَلَا إلَى وَلَدِ غَنِيٍّ إذَا كَانَ صَغِيرًا) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَوْ لَا فِي الصَّحِيحِ، وَفِي الْفَتَاوَى: لَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى ابْنَةِ غَنِيٍّ يَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ لَهُ ابْنٌ مُوسِرٌ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ فِي عِيَالٍ الْغَنِيُّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى وَنَحْوَهُ بِخِلَافِ بِنْتِ الْغَنِيِّ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا هَذِهِ الْأَعْذَارُ وَتُصْرَفُ الزَّكَاةُ إلَيْهَا لِمَا ذُكِرَ فِي الِابْنِ الْكَبِيرِ.

(قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ امْرَأَةٍ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَسَوَاءٌ فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ لَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِمَا تُوجِبُهُ عَلَى الْغَنِيِّ فَالصَّرْفُ إلَيْهَا كَالصَّرْفِ إلَى ابْنِ الْغَنِيِّ. وَجْهُ الظَّاهِرِ مَا فِي الْكِتَابِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِيجَابَهَا النَّفَقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ، بِخِلَافِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ الْجُزْئِيَّةِ فَكَانَ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ، فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ إلَى نَفْسِ الْغَنِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. وَعَنْهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضُ بَنِي هَاشِمٍ إلَى بَعْضٍ زَكَاتَهُمْ. وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمَرْوِيِّ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ «يَا بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ أَيْدِي النَّاسِ وَأَوْسَاخِهِمْ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمْسِ الْخُمْسِ» لَا يَنْفِيهِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّاسِ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِالْخِطَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ آخِرِهِمْ، وَالتَّعْوِيضُ بِخُمْسِ الْخُمْسِ عَنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ لَا يَسْتَلْزِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>