ارْتِفَاقٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّوْمِ، وَقَدْ نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ إلَى الِاكْتِحَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَإِلَى
لِحْيَتَك بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ التَّاءِ عَلَى هَذِهِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: نَدَبَ النَّبِيُّ إلَى الِاكْتِحَالِ إلَخْ) أَمَّا نَدْبُهُ إلَى صَوْمِ عَاشُورَاءَ فَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُبْدَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّوْمِ أَحَادِيثَ، وَأَمَّا نَدْبُهُ إلَى الْكُحْلِ فِيهِ فَفِي حَدِيثَيْنِ رَوَى أَحَدَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «مَنْ اكْتَحَلَ بِالْإِثْمِدِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرَ رَمَدًا أَبَدًا» وَضَعَّفَهُ بِجُوَيْبِرٍ وَالضَّحَّاكُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄، وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ تَرْمَدْ عَيْنُهُ تِلْكَ السَّنَةَ» وَقَالَ: فِي رِجَالِهِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى التَّغْفِيلِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي عَاتِكَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اشْتَكَتْ عَيْنِي أَفَأَكْتَحِلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ نَعَمْ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ وَأَبُو عَاتِكَةَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ بَقِيَّةَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ «اكْتَحَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ صَائِمٌ» وَظَنَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الزُّبَيْدِيَّ فِي مُسْنَدِ ابْنِ مَاجَهْ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الثِّقَةُ الثَّبْتُ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الزُّبَيْدِيُّ الْحِمْصِيُّ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مُسْنَدِ الْبَيْهَقِيّ، وَلَكِنَّ الرَّاوِيَ دَلَّسَهُ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: لَيْسَ هُوَ بِمَجْهُولٍ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ بَلْ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزُّبَيْدِيُّ الْحِمْصِيُّ وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَلَكِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. وَابْنُ عَدِيٍّ فِي كِتَابِهِ فَرَّقَ بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَهُمَا وَاحِدٌ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مَوْقُوفًا عَلَى أَنَسٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَاذٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِلُ، وَهُوَ صَائِمٌ " قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الضَّبِّيُّ: أَبُو مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ صَالِحُ الْحَدِيثِ، فَهَذِهِ عِدَّةُ طُرُقٍ إنْ لَمْ يُحْتَجَّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالْمَجْمُوعُ يَحْتَجُّ بِهِ لِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ، وَأَمَّا مَا فِي أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ: لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» فَقَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَمَعْبَدٌ وَابْنُهُ النُّعْمَانُ كَالْمَجْهُولَيْنِ إذْ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute