(وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَمَا اغْتَابَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَيْفَمَا كَانَ)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ».
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «أَوَّلُ مَا كَرِهْتُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَفْطَرَ هَذَانِ ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ»، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً، وَمَا رَوَى النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْت حُمَيْدًا الطَّوِيلَ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَرَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ» ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقَ عَنْ سُفْيَانَ بِسَنَدِ الطَّبَرَانِيِّ.
وَسَنَدُ الطَّبَرَانِيِّ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دَاوُد الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ رُوِيَ مَوْقُوفًا لَا يَقْدَحُ فِي الرَّفْعِ بَعْدَ ثِقَةِ رِجَالِهِ.
وَالْحَقُّ فِي تَعَارُضِ الْوَقْفِ وَالرَّفْعِ تَقَدُّمُ الرَّفْعُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَهِيَ مِنْ الثِّقَةِ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ، ثُمَّ دَلَّ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِعْلُهُ ﵊ الْمَرْوِيَّ بَعْدَ النَّهْيِ، وَإِلَّا لَزِمَ تَكْرِيرُ النَّسْخِ إذْ كَانَ الْحَاصِلُ الْآنَ بِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْإِطْلَاقَ، وَعَدَمُهُ أَوْلَى فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ رَخَّصَ أَيْضًا ظَاهِرٌ فِي تَقَدُّمِ الْمَنْعِ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: النَّاسِخُ أَدْنَى حَالِهِ أَنْ يَكُونَ فِي قُوَّةِ الْمَنْسُوخِ وَلَيْسَ هُنَا هَذَا، أَمَّا حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ سَنَدُهُ يُحْتَجُّ بِهِ، لَكِنْ أَعَلَّهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يُورِدْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ وَالصَّحِيحِ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ فِي كِتَابٍ مِنْ الْكُتُبِ الْأُمَّهَاتِ كَمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ، وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهَا مَعَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِهِ رِوَايَةٌ لَذَكَرَهَا فِي مُصَنَّفِهِ، فَكَانَ حَدِيثًا مُنْكَرًا، لَكِنْ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ بَعْدَمَا قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ بَعْدَمَا قَالَ إلَخْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.
وَكَذَا فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَمَا قَالَ» الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَطَلْحَةُ هَذَا احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ النَّسَائِيّ يَدْفَعُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، وَلَا نُسَلِّمُ تَوَاتُرَ الْمَنْسُوخِ وَكَذَا حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «أَنَّهُ ﵊ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» وَحَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ " أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ " وَهُوَ صَحِيحٌ، فَإِنْ أُعِلَّا بِإِنْكَارِ أَحْمَدَ أَنْ يَكُونَ سِوَى احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ صَائِمٌ.
قَالَ مُهَنَّأٌ: قُلْت لَهُ مَنْ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: «احْتَجَمَ ﵊ وَهُوَ مُحْرِمٌ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute