للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَمْنُوعُ عَنْهُ التَّطَيُّبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَالْبَاقِي كَالتَّابِعِ لَهُ لِاتِّصَالِهِ بِهِ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ مُبَايِنٌ عَنْهُ.

قَالَ (وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إحْرَامِهِ قَالَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي») لِأَنَّ أَدَاءَهَا فِي أَزْمِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَأَمَاكِنَ مُتَبَايِنَةٍ فَلَا يُعَرَّى عَنْ الْمَشَقَّةِ عَادَةً فَيَسْأَلُ التَّيْسِيرَ، وَفِي الصَّلَاةِ لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا الدُّعَاءِ لِأَنَّ مُدَّتَهَا يَسِيرَةٌ وَأَدَاءَهَا عَادَةً مُتَيَسِّرٌ. قَالَ (ثُمَّ يُلَبِّي عَقِيبَ صَلَاتِهِ)

لَمْ يَبْلُغْهُ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.

وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِيهِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ «الْحَاجُّ الشَّعِثُ التَّفِلُ» وَلِلِاخْتِلَافِ اسْتَحَبُّوا أَنْ يُذِيبَ جِرْمَ الْمِسْكِ إذَا تَطَيَّبَ بِهِ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْنُوعُ مِنْهُ التَّطَيُّبُ) لِأَنَّهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَالْأَحْكَامُ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ يَتَطَيَّبْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَكِنْ هُمْ يَقُولُونَ هَذَا الْمَمْنُوعُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.

وَهُنَاكَ مَنْعٌ آخَرُ قَبْلَهُ عَنْ التَّطَيُّبِ بِمَا يَبْقَى عَيْنُهُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: مَنْعُ ثُبُوتِ هَذَا الْمَنْعِ، فَإِنْ قِسْتُمْ عَلَى الثَّوْبِ فَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وُرُودِهِ بِهِ فِي الْبَدَنِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الثَّوْبِ فَعَقَلْنَا أَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي الْبَدَنِ تَابِعًا، وَالْمُتَّصِلُ فِي الثَّوْبِ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَبَعًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اسْتِنَانِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ حُصُولُ الِارْتِفَاقِ بِهِ حَالَةَ الْمَنْعِ مِنْهُ عَلَى مِثَالِ السَّحُورِ لِلصَّوْمِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَحْصُلُ بِمَا فِي الْبَدَنِ، فَيُغْنِي عَنْ تَجْوِيزِهِ فِي الثَّوْبِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ كَمَالَ الِارْتِفَاقِ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ الْحَاجَّ الشَّعِثُ التَّفِلُ وَقَدْ قِيلَ: يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمَا

(قَوْلُهُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ الْمَعْرُوفُ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ») وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا. لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ».

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ حَاجًّا، فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْجَبَ فِي مَجْلِسِهِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، وَتُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْهُمَا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْ أَنَسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>