للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فُسْطَاطٌ فِي إحْرَامِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمَسُّ بَدَنَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيْتَ. وَلَوْ دَخَلَ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ حَتَّى غَطَّتْهُ، إنْ كَانَ لَا يُصِيبُ رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ اسْتِظْلَالٌ

(وَ) لَا بَأْسَ بِأَنْ (يَشُدَّ فِي وَسَطِهِ الْهِمْيَانَ) وَقَالَ مَالِكٌ : يُكْرَهُ إذَا كَانَ فِيهِ نَفَقَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ. وَلَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى لُبْسِ الْمَخِيطِ فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْحَالَتَانِ (وَلَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلَا لِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ) لِأَنَّهُ نَوْعُ طِيبٍ، وَلِأَنَّهُ يَقْتُلُ هُوَامَّ الرَّأْسِ.

قَالَ (وَيُكْثِرُ مِنْ التَّلْبِيَةِ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ وَكُلَّمَا عَلَا شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا أَوْ لَقِيَ رَكْبًا وَبِالْأَسْحَارِ) لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ كَانُوا يُلَبُّونَ

شَعْرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى أَنْ قَالَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَهَا» الْحَدِيثَ، وَنَمِرَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ " خَرَجْت مَعَ عُمَرَ فَكَانَ يَطْرَحُ النَّطَعَ عَلَى الشَّجَرَةِ فَيَسْتَظِلُّ بِهِ " يَعْنِي وَهُوَ مُحْرِمٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَا يُصِيبُ رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يُصِيبُ يُكْرَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ بِالْمُمَاسَّةِ يُقَالُ لِمَنْ جَلَسَ فِي خَيْمَةٍ وَنَزَعَ مَا عَلَى رَأْسِهِ جَلَسَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ نَحْوَ الطَّبَقِ وَالْإِجَّانَةِ وَالْعَدْلِ الْمَشْغُولِ بِخِلَافِ حَمْلِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّهَا تُغَطَّى عَادَةً فَيَلْزَمُ بِهَا الْجَزَاءُ

(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى لُبْسِ الْمَخِيطِ فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْحَالَتَانِ) قَدْ يُقَالُ: الْكَرَاهَةُ لَيْسَ لِذَلِكَ بَلْ لِكَرَاهَةِ شَدِّ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ إجْمَاعًا. وَكَذَا عَقْدُهُ وَالْهِمْيَانُ حِينَئِذٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. قُلْنَا: ذَاكَ بِنَصٍّ خَاصٍّ سَبَبُهُ شَبَهُهُ حِينَئِذٍ بِالْمَخِيطِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حِفْظِهِ، وَعَنْ ذَلِكَ كُرِهَ تَخْلِيلُ الرِّدَاءِ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِي شَدِّ الْهِمْيَانِ هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُشَدُّ تَحْتَ الْإِزَارِ عَادَةً، وَأَمَّا عَصْبُ الْعِصَابَةِ عَلَى رَأْسِهِ فَإِنَّمَا كُرِهَ تَعْصِيبُ رَأْسِهِ وَلَزِمَهُ إذَا دَامَ يَوْمًا كَفَّارَةٌ لِلتَّغْلِيظِ وَقَالُوا: لَا يُكْرَهُ شَدُّ الْمِنْطَقَةِ وَالسَّيْفُ وَالسِّلَاحُ وَالتَّخَتُّمُ، وَعَلَى هَذَا فَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَرَاهَةِ عَصْبِ غَيْرِ الرَّأْسِ مِنْ بَدَنِهِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ نَوْعَ عَبَثٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَوْعُ طِيبٍ، وَلِأَنَّهُ يَقْتُلُ هَوَامَّ الرَّأْسِ) فَلِوُجُودِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ تَكَامَلَتْ الْجِنَايَةُ فَوَجَبَ الدَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَإِنَّهُ لَهُ رَائِحَةٌ مُلْتَذَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَكِيَّةً، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ : عَلَيْهِ صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، بَلْ هُوَ كَالْأُشْنَانِ يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ، وَلَكِنَّهُ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ

(قَوْلُهُ كَانُوا يُلَبُّونَ إلَخْ) فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ سِتٍّ: دُبُرَ الصَّلَاةِ، وَإِذَا اسْتَقَلَّتْ بِالرَّجُلِ رَاحِلَتُهُ، وَإِذَا صَعِدَ شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا، وَإِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَبِالْأَسْحَارِ. ثُمَّ الْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ كَمَا هُوَ النَّصُّ وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْبَدَائِعِ فَقَالَ: فَرَائِضَ كَانَتْ أَوْ نَوَافِلَ، وَخَصَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِالْمَكْتُوبَاتِ دُونَ النَّوَافِلِ وَالْفَوَائِتِ فَأَجْرَاهَا مَجْرَى التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَعَزَى إلَى ابْنِ نَاجِيَةَ فِي فَوَائِدَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُكَبِّرُ إذَا لَقِيَ رَكْبًا وَذَكَرَ الْكُلَّ سِوَى اسْتِقْلَالِ الرَّاحِلَةِ» وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ وَلَمْ يُعْزِهِ.

وَذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>