للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي يوم الاثنين ثامن عشره، ولي قضاء قضاة الحنفيّة بالشّام، تاج الدين بن (١) عرب شاه الحنفيّ، وعزل منها قاضي القضاة شرف الدين (٢) ابن عيد وكان عفيفا ديّنا، عالما.

شعبان: وفي ليلة الأربعا، المسفر صباحها عن رابعه توفي قاضي القضاة:

برهان الدين (٣) أبو إسحاق إبراهيم بن القاضي أكمل الدين محمد بن شرف الدين عبد الله بن شمس الدين محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسيّ الراميني الأصل الصّالحي الحنبلي. مولده سنة ستة عشر وثمانمئة. وله مصنفات منها شرح المقنع في أربع مجلدات، وطبقات الحنابلة، وكانت وفاته بمنزله من دار الحديث الأشرفية وحمل نعشه على الرؤوس، وكان له جنازة عظيمة، ودفن بصالحية دمشق.

وكان عالما ديّنا عفيفا. وكان تتمّة حزن النّاس موته وحريق الجامع الأموي، وعزل قاضي القضاة ابن عيد الحنفي، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي سابع عشرينه، جاء الشّيخ محب الدين الحصنيّ أعاد الله من بركته إلى الجامع الأمويّ، وأمر الناس بشيل التّراب المحروق من الجامع إلى الخراب، فاجتمع فيه خلق، وقضاة وعلما وصلحا، وغيرهم، لا يعلم عدّتهم إلاّ الله.

فشالوا تراب الرّواق الغربيّ في يوم، وشالوا تراب الثلاث جمالين الشرقيّة، وتراب مشهد المؤذّنين في يوم، وشالوا تراب الثلاث جمالين الغربيّة في يوم وكان في هذه الثلاث أيام، خلق لا تعدّ ولا تحصى، حتى النّساء، والصّبيان /والعبيد، كلّ منهم نقل على حسب حاله. ولم ير مثل هذا العمل وسرعته، فإنّه على خلاف القياس. وشاهدت قضاة، وعلما، وأشراف، يعبّوا التّراب على الدّواب، ويروحوا يكبّونه (٤) في الخراب، وكان هذا التراب - والله أعلم - ما ينقل في سنة من كثرته، ولكن همّة العلما، والصالحين، ساعدت. وبقي في الجامع تهليل وتكبير وكانت ساعة عظيمة.

وفي يوم الأحد سلخه، ورد مرسوم السّلطان، بتقدير ما يحتاجه الجامع الأمويّ ووقفه. فحضر في الجامع المذكور نايب الشّام قانصوه اليحياويّ، والقاضي ناظر


(١) تاج الدين ابن عرب شاه الحنفي. انظر: السخاوي الضوء اللامع ٥/ ٩٧/٣.
(٢) شرف الدين ابن عيد: هو موسى بن أحمد بن عيد قاضي الحنفية. انظر: السخاوي. الضوء اللامع /٥ ١٠/ ١٧٩.
(٣) انظر: السخاوي: الضوء اللامع ١/ ١٥٢/١.
(٤) يكبّونه: يرمونه بعيدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>