للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلب، بمرج (١) دابغ، وهي بين السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري، وبين السلطان سليم شاه، سلطان الروم، والتقت العساكر في بعضها بعضا، فقتل من العسكرين خلقا كثيرا، وقتل من عسكر سلطان مصر، من الأعيان الكبار، الأمير سودون العجمي، أمير كبير بالديار المصرية، وقانصوه ابن سلطان جركس، أحد المقدّمين الألوف بالديار المصرية، والأمير قلج أمير كبير بالشام، ونايب طرابلس تمراز (٢)، والقاضي عبد القادر القصروي، ناظر الجيوش بالديار المصرية، وذكر أنّه قتله شخص كان في خاطره منه بسبب الإقطاع، وجمع كثير من الأمراء الأربعينات، والعشرات، وخاصكية وأجناد، وغلمان، مما لا يحصى عددهم، فوقعت الكسرة على عسكر سلطان مصر.

وسبب ذلك وفاة السلطان في يوم تاريخه، وهو يوم السادس والعشرين من رجب المذكور، وكيفية وفاته؟ أنه لما رأى ابتداء الكسرة على عسكره، حصل له قهر، فسقط عن فرسه إلى الأرض ميتا، . ومدة إقامته في سلطنته بالديار المصرية، ستة عشر سنة إلا شهرين.

وما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنه بنيان قوم تهدّما

ولي السلطان الملك العزيز الظاهر الأشرف قانصوه الغوري الملك والسلطنة، يوم عيد الفطر نهار الاثنين مفتتح شوال، سنة ست وتسعمئة. وعفا عنه، وجعله من الخلفاء الراشدين، والأئمة العادلين، وعوضه عن ملك الدّنيا، ملكا ومكانا عليّا في الآخرة، في جوار نبيه محمد، أفضل الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم.

/ثم ولّى عسكر سلطان مصر منهزمين، إلى صوب حلب في أسوأ حال، فطلعت إليهم أهل مدينة حلب بالسلاح، ولم يمكّنوهم من الدخول إليهم، وكان للعسكر عندهم ودائع فلم يعطوهم منه شيئا، وقتلوا من العسكر جماعة، كون أنّهم طالبوهم بودائعهم. واستمروا منهزمين إلى دمشق منهوبين، غالبهم مشاة عراة، حفاة، ومات غالبهم في الطريق من الجوع، والعطش، فدخلوا إلى (٣)


(١) مرج دابغ: كانت الوقعة الفاصلة بين المماليك والعثمانيين قد جرت في مرج دابق شمال حلب بموضع يعرف بتل الغار، وذلك في ١٤ رجب سنة ٩٢٢ هـ، فانكسر المماليك وقتل السلطان قانصوه الغوري وانهزم جيشه وتراجع إلى دمشق ومصر. ابن طولون. مفاكهة الخلان ٢/ ٢٣،٢٤،٢٥.
(٢) انظر: ابن إياس: بدائع الزهور ٥/ ٧١.
(٣) بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق في شهر شعبان سنة ٩٢٢ هـ، رجعت فلول المماليك إلى دمشق -

<<  <  ج: ص:  >  >>