للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك حضوره مع شيخ الإسلام زكريا، ونوابه عقد نكاح الأمير طومان باي، الدوادار الثاني بالقلعة، في ٣ جمادى الآخرة سنة ٩٠٣ هـ - ١٤٩٧ م، وأنّه كان يحضر مع القضاة، والعلماء لتهنئة السلطان بالشهر، في القلعة، فقال: «وكنت حاضرا معهم» (١).

وبعد كل ما قدمناه عن ابن الحمصي المؤرخ، فإنّ من الأهمية بمكان أن نلقي نظرة على الزمان الذي عاش فيه، منذ منتصف القرن التاسع الهجري، وحتى منتصف القرن العاشر الهجري. وتعتبر هذه الفترة هامة في تاريخ العرب في الشام ومصر، لأنها فترة تدهور، وضعف الدولة المملوكية. فقد سادت الاضطرابات أنحاء الدولة، وظهرت الفتنة العصبية العربية، ضد المماليك، وخاصة في مصر، تمثلت بغارات، واعتداءات على هياكل السلطة، في الأقاليم البعيدة عن القاهرة، كما أفسد أمراء المماليك الحياة العامة، من خلال ظلمهم الناس، والاستيلاء على ممتلكاتهم، وخلافاتهم فيما بينهم على المكاسب والمال، ولم تعد خزانة السلطنة قادرة على دفع رواتب الجيش، والإنفاق على الحملات العسكرية في الشمال، ضد العثمانيين وغيرهم، مما سهل على الأتراك العثمانيين هزيمة المماليك في معركة مرج دابق، ووضع مصر والشام تحت السيادة العثمانية، وحدوث تغييرات اجتماعية، واقتصادية هامة تبعا لذلك. وكان ابن الحمصي شاهدا متنقلا بين مصر والشام، فروى ما رآه من أحداث وأخبار، رواية مؤرخ عاش الحوادث وتأثر بها.

وهناك أربعة رصدوا حركة التأريخ في مصر والشام في هذه الفترة، وهم: ابن إياس وابن زنبل في مصر، وابن الحمصي، وابن طولون في الشام.

وعاش ابن طولون في دمشق (٨٨٠ هـ - ٩٥٣ هـ) (١٤٧٥ م - ١٥٤٦ م) وعاصر ابن الحمصي، (٨٤١ - ٩٣١ هـ) (١٤٣٧ - ١٥٢٤ م) فكانت نشأة، وثقافة، وبيئة المؤرّخين متشابهة، حتى أنهما تشابها في منهجهما، ومؤلفاتهما، والعلوم التي حصّلاها، وشيوخهما (٢).

واشتغل المؤرخان بوظائف التدريس، والخطابة، والإقراء، والفقه في مدارس دمشق، ومساجدها. وعاشا في مدينة واحدة هي دمشق، وفي عصر واحد، ولم يذكر


(١) ابن الحمصي: حوادث الزمان ج ٢ أحداث سنة ٩٠٣ هـ.
(٢) ابن طولون ألف كتابا سماه «مفاكهة الخلان في حوادث الزمان» وهو تاريخ لمصر والشام يغطي الفترة من ٨٨٠ هـ - ٩٢٦ هـ في الإقليمين ورتبه على طريقة الحوليات. وكذلك نهج ابن الحمصي ٨٤١ هـ - ٩٣١ هـ في كتابه «حوادث الزمان».

<<  <  ج: ص:  >  >>