للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما الآخر، ولا ندري سبب هذا التجاهل، وربما كان سببه التنافس الشديد بين المؤرخين (١).

ولكن ابن طولون كان أسعد حظا من ابن الحمصي، لأنّ كتبه نشرت، واعتنى بها الباحثون والمستشرقون، في حين ضاعت كتب ابن الحمصي، ولم نعثر إلا على كتابه «حوادث الزمان» الذي نحن بصدد تحقيقه، ووجد متناثرا في أنحاء مختلفة من العالم.

وهذا يفسر جهلنا بهذا المؤرخ في بلده دمشق.

وفي مصر كان المؤرخ محمد بن إياس (٨٥٢ هـ - ٩٣٠ هـ) (١٤٤٧ م - ١٥٢٣ م)، معاصرا لابن الحمصي، وشاهد، وأرّخ بداية السيطرة العثمانية على مصر، كما فعل ابن الحمصي في الشام، والغريب أن ابن الحمصي رحل إلى مصر، وأقام بها طويلا، بحكم شغله مناصب عدة في القاهرة، منها منصب نائب قاضي القضاة الشافعي، وهو من الوظائف الهامة، وهو في عمره متقارب من عمر ابن إياس، فإن أيّا منهما لم يترجم للآخر، ولم يذكره في مؤلفاته، بالرغم من أنّ كليهما، يقف مؤرخا، عملاقا، في العصرين المملوكي والعثماني (٢).

وكانت مؤلفات ابن إياس قد نشرت، وخاصة كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» بالقاهرة بين سنتي ١٩٦٠ - ١٩٦٣ م.

والمؤرخ المصري الكبير ابن زنبل (٣)، الذي كتب عن دخول العثمانيين إلى مصر، كان معاصرا لابن الحمصي، وشاهد عيان في جيش السلطان سليم الأول، أثناء الحرب ضد المماليك، حيث كان موظفا بديوان الجيش العثماني. وقد سجل في كتابه «تاريخ واقعة السلطان سليم مع السلطان الغوري»، جميع الأحداث منذ هزيمة المماليك في معركة مرج دابق بالشام، وحتى دخول العثمانيين إلى مصر، وإسقاط الدولة المملوكية، وما تبع ذلك من تنظيمات وتغييرات في بنية الدولة. ويعتبر كتاب ابن زنبل من المراجع الهامة في تاريخ الشام ومصر.

ولكن المراجع التاريخية في القرن العاشر الهجري، لم تنصف ابن الحمصي، وابن زنبل، ولم تبرزهما كمؤرخين عملاقين، كما أبرزت ابن إياس المصري، ومحمد بن طولون الدمشقي.


(١) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٧٦.
(٢) د. ليلى أحمد. دراسات في تاريخ ومؤرخي مصر والشام ص ١٧٩.
(٣) هو أحمد بن زنبل الزمان له مؤلفات في التاريخ والجغرافية والتنجيم ما زالت مخطوطة وقد توفي ابن زنبل بعد سنة ١٥٥٢ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>