للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهرةٌ تصرف تلك الكلمة عن المعنى الذي [٦٦٠] هو كفرٌ إلى معنًى ليس بكفرٍ فإنه يَكْفُر، ولا أثر للاحتمال الضعيف أنه أراد معنى آخر.

وفي الشفاء عن صاحب سحنون (١) في رجل ذُكِرَ له رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فقال: «فعل الله برسول الله كذا وكذا»، وذكر كلامًا قبيحًا، ثم قال: «أردتُ برسول الله العقرب» أنه لا يُقْبَلُ دعواه التأويلَ (٢). ونقله الهيتمي في الإعلام (٣)، ثم قال: ومذهبنا لا يأبى ذلك.

وقال في الزواجر: «نقل إمام الحرمين عن الأصوليين أنَّ مَن نطق بكلمة الرِّدَّة وزعم أنه أضمر توريةً كَفَرَ ظاهرًا وباطنًا، وأَقَرَّهُم على ذلك» (٤).

أقول: وهو الموافق لقواعد الشريعة. ولو قُبِلَ من الناس مثلُ هذا التأويل لأصبح الدين لعبةً، يقول مَن شاء ما شاء مِن سبِّ الله وسَبِّ رسوله، فإن سُئِلَ اعتذرَ بما يُشْبِه هذا التأويل.

فإن قلت: فإنَّ قبول توبته يلزم منه مثلُ هذا الأمر، قلت: كلّا، فإنَّ قبول توبته معناه إثبات أنه ارتدَّ، ثم أسلم، ومثلُ هذا يعاب به بين الناس ويُوَبَّخُ


(١) هو أحمد بن أبي سليمان، وسُحنون هو: عبد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي صاحب «المدونة» , لازم أصحاب الإمام مالك: ابن وهب وابن القاسم وأشهب فصار سيد أهل المغرب، وكان من أهل العقل والديانة، توفي سنة ٢٤٠ هـ. سير أعلام النبلاء ١٢/ ٦٣ - ٦٩.
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ٢/ ٢١٧، وإنما لم يقبل التأويل لأن اللفظ صريح، وفيه امتهان للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمتكلِّم بهذا لم يوقِّر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يحترمه.
(٣) ص ٤٨. [المؤلف]
(٤) الزواجر ١/ ٢٦. [المؤلف]