للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحيح مسلمٍ عن عوف بن مالكٍ الأشجعيِّ قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرضوا عليّ رُقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شركٌ» (١).

هذا شاهد لحديث ابن مسعود في الجملة لدلالته على أن من الرقى ما هو شرك، وهو في أحاديث أخرى في الإذن بالرقى قد مرّ بعضها تبيِّن حديث ابن مسعود بدلالتها على أنَّ من الرقى ما ليس بشرك.

وتفسير ذلك أن الرقى على ثلاثة أضرب:

الضرب الأول: الرقية بكتاب الله تعالى وذكره ودعائه اللَّذَيْنِ أُذِنَ في مثلهما فهذا حق وإيمان، ولكن الأولى بالمؤمن ألَّا يسأل غيره أن يرقيه، كما تقدَّم إيضاحه في الدعاء (٢).

الضرب الثاني: ما كان فيه تعظيم لغير الله عزَّ وجلَّ، فهذا إن كان مما أنزل الله تعالى به سلطانًا فهو كالأول وإلا فهو شرك، ومن ذلك الإقسام بالكواكب وأسماء الشياطين وبالحروف (٣) والأسماء التي يزعمون أنها أسماء الروحانيِّين. ويلحق بذلك في المنع ما كان فيه كلمات أعجمية لا يدرى معناها، وإن كان معها ذكر لله عزَّ وجلَّ وثناء عليه؛ لأن المشركين يخلطون عبادة الله تعالى بعبادة غيره. وكذا ما كان فيه حروف مفردة فإنه لا


(١) مسلم، كتاب السلام، بابٌ: «لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شركٌ»، ٧/ ١٩، ح ٢٢٠٠. [المؤلف]
(٢) انظر ص ٧٨٧ - ٧٨٨.
(٣) كُتِب بحاشية الصفحة بقلم الرصاص عبارةٌ، كأنها: (التي لا تُعرَف)، وقد تكون من المؤلِّف.