للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخل على رجل يعوده فوجد في عضده خيطًا، فقال: ما هذا؟ قال: خيط رُقِيَ لي فيه، فقطعه، ثم قال: لو مُتَّ ما صَلَّيتُ عليك».

وقال (١): «ثنا عبدة، عن محمد بن سُوقة، أن سعيد بن جبير رأى إنسانًا يطوف بالبيت في عنقه خرزة فقطعها.

ثنا حفص، عن ليث، عن سعيد بن جبيرٍ قال: مَن قطع تميمة عن إنسان كان كعدل رقبة».

وكُلُّ هذا يدلُّ على ما قدَّمنا في التمهيد أن مَن تعلَّق خرزة أو نحوها مجوِّزًا أن تكون سببًا لنفعٍ غيبيٍّ كان ذلك شركًا، وإن لم يكن يجوِّز ذلك ولكنه يرجو أن تكون لها خاصِّيةٌ طبيعيَّةٌ في سرور النفس أو طرد الجنِّ أو دفع العين أو نحو ذلك فهذا أيضًا ممنوع سدًّا للذريعة.

وعموم الأحاديث يتناول الخيط الذي يُرْقَى فيه، ويُصَرِّح بذلك أثر ابن مسعود وأثر حذيفة؛ فإنهما لم يلتفتا إلى أن ذلك الخيط رقي فيه، ولم يسألا عن تلك الرقية بماذا كانت؟ أبذكر الله تعالى أم بغيره؟ وكأن ذلك ــ والله أعلم ــ لشبهه بالخرزة، فمُنِعَ سدًّا للذريعة، وإلَّا فقد يقاس على ما صح عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه كان يدني يديه مِنْ فيه فيتعوَّذ وينفث فيهما ثم يمسح بهما بدنه؛ فإنَّ هذا يدلُّ أنَّ نَفْثَ القارئ يقتضي حصولَ بركة فيما نفث فيه.

فأما إذا اختار الراقي شيئًا مخصوصًا كجلد أرنب أو نحو ذلك مما لم يأت به سلطان أو عقد في الخيط فلا شبهة أنه في معنى الخرزة قطعًا، والله أعلم.


(١) الموضع السابق، ١٢/ ٤٣، ح ٢٣٩٣٨ - ٢٣٩٣٩.