للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت الحنفية (١): إن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما شاء فهو كافر، وإن اعتقد أنه تخييل وتمويه لم يكفر.

وقالت الشافعية رضي الله عنهم: يصفه؛ فإن وجدنا فيه كفرًا كالتقرّب للكواكب ويعتقد أنها تفعل فيلتمس منها فهو كفر, وإن لم نجد فيه كفرًا فإن اعتقد إباحته فهو كفر (٢).

قال الطرطوشي: .... واحتج مَن لا يقول إن تعلمه كفرٌ بأن تعلُّم الكفر ليس بكفرٍ، فإن الأصوليَّ (٣) يتعلَّم جميع أنواع الكفر ليحذِّر منه ولا يقدح في شهادته ....

قال القرافي (٤): هذه المسألة في غاية الإشكال على أصولنا، فإن السحرة يعتمدون أشياء تأبى القواعد الشرعية أن نكفِّرهم، كفعل الحجارة المتقدم ذكرها قبل هذه المسألة، وكذلك يجمعون عقاقير ويجعلونها في الأنهار والآبار أو في قبور الموتى أو في باب يفتح إلى الشرق، ويعتقدون أن الآثار تحدث عن تلك الأمور بخواصِّ نفوسهم التي طبعها الله تعالى على الربط بينها وبين تلك الآثار عند صدق العزم، فلا يمكن تكفيرهم بجمع العقاقير ولا بوضعها في الآبار ولا باعتقادهم حصول تلك الآثار عند ذلك الفعل؛ [٦٩٠] لأنهم جرَّبوا ذلك فوجدوه لا يخرم عليهم لأجل خواصِّ نفوسهم، فصار ذلك الاعتقاد كاعتقاد الأطباء عند شرب الأدوية, وخواصِّ


(١) انظر: فتح القدير لابن الهمام ٦/ ٩٩ والكلام عن الكاهن.
(٢) انظر: روضة الطالبين ٩/ ٣٤٦.
(٣) يعني: المشتغلين بعلم الكلام.
(٤) في الفروق ٤/ ٢٨٣ فما بعدها.