للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وباعث آخر معنوي، وهو تبعيد إيهام التعظيم؛ فإنه يتوهم تعظيم المخاطبين؛ لأنهم مسلمون، بخلاف آبائهم المشركين، والله أعلم.

وهناك أجوبة أخرى عن الحديثين، منها: الطعن في زيادة «وأبيه» في الأول، وزيادة «أما وأبيك لتنبأنه» في الثاني بتفرد بعض الرواة بهما.

وفي مسند أحمد: ثنا إسماعيل (١)، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي إسحاق (٢)، قال: حدثني رجلٌ من غفارٍ في مجلس سالم بن عبد الله، حدثني فلان أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أتي بطعامٍ من خبزٍ ولحمٍ، فقال: «ناولني الذراع»، فَنُووِل ذراعًا فأكلها، قال يحيى: لا أعلمه إلا هكذا، ثم قال: «ناولني الذراع»، فَنُووِل ذراعًا فأكلها، ثم قال: «ناولني الذراع»، فقال: يا رسول الله، إنما هما ذراعان، فقال: «وأبيك، لو سكتَّ ما زلتُ أناوَلُ منها ذراعًا ما دعوتُ به»، فقال سالم: أمَّا هذه فلا، سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول: «إن الله تبارك وتعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» (٣).

فأنكر سالم بن عبد الله بن عمر هذه الزيادة، وهو سلفٌ لمن أنكرها في الحديثين السابقين، ويمكن تأويلها في هذا الحديث بمثل ما تقدَّم، كأن


(١) هو ابن عُليَّة.
(٢) كذا في الأصل وفي أكثر نسخ المسند، والصواب: يحيى بن أبي إسحاق. كما في بعض نسخه وإتحاف المهرة. انظر: المسند - ط الرسالة- ح ٥٠٨٩، إتحاف المهرة ٨/ ٤٢٨، ح ٩٧٠٣. وقد رواه النسائيّ على الصواب. انظر: سنن النسائيّ، كتاب الأيمان والنذور، ٧/ ٤. تحفة الأشراف ٥/ ٤١٦، ح ٧٠٣٤.
(٣) المسند ٢/ ٤٨. [المؤلف]