للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحاصل: أن القَسَم الجائز من الضرب الرابع لا يدخل تحت النهي، إما لأنه لم يتناوله النهي أصلًا، وإما لأنَّ الدليل أخرجه. والله أعلم.

فإن قلت: حاصل كلامك أنك أبقيت قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» على ظاهره إلا ما استثنيته من الضرب الرابع، وهذا خلاف ما عليه أهل العلم. فقد قال الترمذي عقب هذا الحديث: «وفُسِّر هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله: «فقد كفر أو أشرك» على التغليظ، والحجة في ذلك حديث ابن عمر أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم سمع عمر يقول: وأبي وأبي، فقال: «ألا إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم».

وحديث أبي هريرة عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «مَن قال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله».

[٧٣٣] قال أبو عيسى: هذا دليل على ما روي عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن الرياء شرك (١)، وقد فسر بعض أهل العلم هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} الآية [الكهف: ١١٠]، قال: «لا يرائي» (٢).


(١) أخرجه ــ بهذا اللفظ ــ البيهقيّ في شعب الإيمان، بابٌ في إخلاص العمل لله عزَّ وجلَّ وترك الرياء، ١٢/ ١٨٥، ح ٦٣٩٤، وغيره، من حديث أبي الدرداء مطوّلًا، وذكر البيهقي أنه من أفراد بقية - يعني ابنَ الوليد - عن شيوخه المجهولين. وضعّفه الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب برقم ٢٤. وورد وصف الرياء بأنه شرك أصغر في أحاديث ثابتة، كحديث محمود بن لبيد عند الإمام أحمد (٥/ ٤٢٨ و ٤٢٩) وغيره، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ٩٥١.
(٢) جامع الترمذيّ ١/ ٢٩٠. [المؤلف]