للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه من حديث أبي هريرة: " .... فيَلْقَى العبدَ، فيقول: أي فُل (١)، ألم أكرمك وأُسَوِّدْك (٢) وأزوجك وأسخِّرْ لك الخيل والإبل وأَذَرْكَ تَرْأس (٣) وتَرْبَع (٤)؟ فيقول: بلى أي رب! فيقول: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا، [ز ١١] فيقول: فإني أنساك كما نسيتني"، ثم ذكر الثاني كذلك، ثم قال: "ثم يَلْقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلَّيت وصمت وتصدَّقْت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذًا (٥)، قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكَّر في نفسه: مَنْ ذا الذي يشهد عليَّ، فيُختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخِذُه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه (٦)، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه" (٧).

أقول: ظاهر الآيات في شهادة الرسل أنهم يشهدون على مَنْ أدركوه وبلَّغوه. ويؤيِّده ما أخبر الله تعالى به عن عيسى عليه السلام من قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧].

ثم من الناس من يجحد شهادة الرسل، فيشهد لهم نبينا صلَّى الله عليه


(١) يا فلان.
(٢) أجْعَلْكَ سيّدًا على غيرك.
(٣) أَلَمْ أَدَعْكَ تكون رئيسًا على قومك.
(٤) أي تأخذ مِرْباعَهم وهو رُبْعُ الغنيمة.
(٥) إذا أثنيت على نفسك بما أثنيت فاثبُتْ هنا إذًا كي نُرِيَك أعمالك.
(٦) ليقطع الله عُذْرَه وتقوم الحجة على العبد بشهادة أعضائه عليه.
(٧) صحيح مسلمٍ، كتاب الزهد والرقائق، ٨/ ٢١٦، ح ٢٩٦٨. [المؤلف]