للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ختم هذا الفصلَ بقوله: «وبالجملة فتحقيق ما هو شرك وما ليس بشرك متوقف على تحقيق معنى كلمة التوحيد». فذكر أنه يظهر من صنيع بعض علماء الكلام أنَّ معنى (إله) هو المعنى الذي يعبِّرون عنه بـ (واجب الوجود). و «الأمم كلها لا تشرك في وجوب الوجود حتَّى الثَّنَوِيَّة, وقد حكى القرآن عن الأمم المشركين ابتداء من قوم نوح وانتهاء بمشركي العرب الذين بعث فيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم يعترفون بتفرد الله بالخلق والرَّزْق والإحياء والإماتة والتدبير».

قال المؤلِّف: ومن العجائب أنك تجد في هذا العصر كثيرًا من طلبة العلم ــ إن لم أقل من العلماء ــ يتوهَّمون أن المشركين يعتقدون في الأصنام وغيرها أنها واجبة الوجود قادرة على كلِّ شيء، خالقة، رازقة، مدبِّرة للعالَم.

* وتبيَّن مِن بحث الشيخ وتحقيقه في هذه المسألة أنَّ اتخاذ الشيء إلهًا لا يتوقَّف على اعتقاد كونه واجب الوجود، ولا اعتقاد كونه مستغنيًا عمَّا سواه، ولا كونه مدبِّرًا مستقلًّا، بل ولا غير مستقلٍّ؛ فإنَّ الذين ألَّهوا الأصنام لم يعتقدوا لها شيئًا من التدبير.

قال العزُّ في قوله تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]: «وما سوَّوهم به إلَّا في العبادة والمحبة دون أوصاف الكمال ونعوت الجلال».

* ثمَّ قرَّر المؤلِّف برهان التمانع الذي دلَّت عليه بعض آيات القرآن فقال: «تقرير هذا البرهان أنه لو كان مع الله تعالى أحياء يدبِّرُ كلٌّ منهم الخلق والرزق ونحوهما من الأمور العظمى في العالم تدبيرًا مستقلًّا لاختلفوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>