للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبيرة ليس بكفر. وأجيب بأن المعنى: إن قتلته مستحلًّا لقتله، ولا نزاع أن استحلال الحرام القطعي كفر. ولم يرتضوا هذا؛ يرون أنه ليس في الكلام ما يدل على هذا القيد. وأنت إذا تأملت وجدت الدلالة واضحة فإن سؤال المقداد إنما قصد به معرفة الحلِّ أو الحرمة لعلمه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا أذن في القتل كان حلالًا، فقوله: أأقتله؟ في قوَّة قوله: أيحلُّ لي قتله؟ أو: أأستحلُّ قتله؟ وبحسب هذا يكون الجواب (١) قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: "فإن قتلته" في قوَّة قوله: "فإن استحلَلْت قتله"، والله أعلم.

وقصَّة بني جَذِيمة التي أشار إليها القرطبيُّ هي في صحيح البخاريِّ (٢).

وفيها من قول ابن عمر: "فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا وجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا"، وهذا ظاهرٌ أنهم لو قالوا: (أسلمنا) ما اشتبه الأمر على خالدٍ.

[ز ٣٦] وفي الصحيحين في حديث أسامة لما صمد في الجهاد لرجل ليقتله فقال الرجل: لا إله إلا الله، فقتله أسامة فَلامَه النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، قال أسامة: "حتى تمنَّيت أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم" (٣).


(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "وبحسب هذا الجواب يكون قوله ... " فوقع تقديم وتأخير من سبق القلم، أو يتمُّ الكلام عند قوله: "الجواب"، ويُستأنف: "فقوله ... ".
(٢) كتاب المغازي، باب بعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم خالد إلخ، ٥/ ١٦٠ - ١٦١، ح ٤٣٣٩. [المؤلف]
(٣) صحيح البخاريِّ، كتاب الديات، باب [قول الله تعالى]: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} إلخ، ٩/ ٤، ح ٦٨٧٢. صحيح مسلمٍ، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله [باب الدليل على أن مَن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنَّة]، ١/ ٦٨، ح ٩٦ (١٥٩). [المؤلف]